للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَقَالَ إِنْ يُدْخِلْكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ يَكُنْ لَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ) أَيْ وَجَدْتَ عَيْنَكَ لَذِيذَةً. قَالَ فِي الْقَامُوسِ لَذَّهُ وَبِهِ لِذَاذًا وَلَذَاذَةً وَجَدَهُ لَذِيذًا، انْتَهَى.

(غلمانُ أهل الجنة وخدمُهم:

قال تعالى: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ) {الطور:٢٤}

وَيَطُوفُ عَلَيهِمْ بِكُؤُوسِ الخَمْرِ هذِهِ غِلْمانٌ مُعَدُّونَ لِخدْمَتِهِمْ، يَعْمَلُون بِأْمْرِهِمْ، وَيَنْتَهُونَ بِنَهيِهِمْ، وَهُمْ في حُسْنِهم وَبَهائِهم كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ نَاصِعُ الَبَيَاضِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أصْدافِهِ، وَلَم يَتَعَرَّضْ لِلنُّورِ وَلَفْحِ الشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ.

وقال تعالى: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وَلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً) {الإنسان:١٩}

وَيَطُوفُ عَلَى أَهْلِ الجَنَّةِ غِلْمَانٌ (وِلْدَانٌ) يَخْدِمُونَهُمْ، وَهُمْ شَبَابٌ، وُجُوهُهُمْ نَضِرَةٌ، كَأَنَّهُمْ لِحُسْنِ أَلْوَانِهِمْ، وَنَضْرَةِ وُجُوهِهِمْ، وَكَثْرَةِ انْتِشَارِهِمْ فِي قَضَاءِ الحَاجَاتِ، اللًّؤْلُؤْ المَنْثُورُ، وَهُمْ لاَ يَهْرَمُونَ وَلاَ يَشِيبُونَ، وَلاَ تَتَبَدَّلُ أَحْوَالُهُمْ.

ومعنى (مخلدون):لا يهرمون ولا يتغيرون ولا يموتون. وقيل: مقرطون بالخلدة. وجمع قوم بين المعنيين فقالوا: لا يتغيرون ولا يهرمون وفي آذانهم القراطة. وقد شبَّههم الله تعالى باللؤلؤ المنثور لما فيه من البياض وحسن الخلق.

وفى كونه منثوراً فائدتان:

الأولى: تدل على أنهم مبثوثون في خدمتهم وحوائجهم ,وغير معطلين.

الثانية: أن اللؤلؤ إذا كان منثوراً- لاسيما على بساطٍ من ذهب أو حرير – كان أحسن لمنظره من كونه مجموعاً في مكان ٍ واحد.

وللعلماء في هؤلاء الغلمان قولان: الأول: أنهم أولاد المسلمين الذين يموتون بلا حسنة ولا سيئة ٍ, فيكونون من خدم أهل الجنة. ومنهم من قصر ذلك على أولاد المشركين. الثاني: أنهم مخلوقون في الجنة خدماً لأهلها , أنشأهم الله - عز وجل- كالحور العين, وهذا القول هو الأشبه – والله أعلم – لأن من تمام نعمة الله تعالى وكرامته لأهل الجنة أن يجعل أولادهم مخدومين معهم, لا غلماناً لهم يخدمونهم.

وقال بعض أهل العلم: وصح في بعض الأخبار أن أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة، فلا مانع من الجمع بين القولين، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>