للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشِقِّ تمرة).

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه حادي الأرواح:

وبالجملة فتأمل أحاديث الرؤية تجد في أكثرها ذكر التكليم قال البخاري في صحيحه باب كلام الرب تبارك و تعالى مع أهل الجنة وساق فيه عدة أحاديث فأفضل نعيم أهل الجنة رؤية وجهه تبارك وتعالى تكليمه لهم فإنكار ذلك إنكار لروح الجنة و أعلى نعيمها و أفضله الذي ما طابت لأهلها إلا به و الله المستعان.

[أبدية الجنة وأنها لا تفنى ولا تبيد:]

هذا مما يعلم بالاضطرار أن الرسول أخبر به

قال تعالى: (وَأَمّا الّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السّمَاوَاتُ وَالأرْضُ إِلاّ مَا شَآءَ رَبّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) [هود: ١٠٨]

عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ: أي مقطوع.

[*] قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره:

يقول تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا} وهم أتباع الرسل، {فَفِي الْجَنَّةِ} أي: فمأواهم الجنة، {خَالِدِينَ فِيهَا} أي: ماكثين مقيمين فيها أبدا، {مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ} معنى الاستثناء هاهنا: أن دوامهم فيما هم فيه من النعيم، ليس أمرا واجبا بذاته، بل هو موكول إلى مشيئة الله تعالى، فله المنة عليهم [دائمًا]، ولهذا يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النَّفس.

وقال الضحاك، والحسن البصري: هي في حق عصاة الموحدين الذين كانوا في النار، ثم أخرجوا منها.

وعقب ذلك بقوله: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي: غير مقطوع قاله ابن عباس، ومجاهد، وأبو العالية وغير واحد، «لئلا يتوهم متوهم بعد ذكره المشيئة أن ثم انقطاعًا، أو لبسا، أو شيئًا بل ختم له بالدوام وعدم الانقطاع». كما بين هنا أن عذاب أهل النار في النار دائما مردود إلى مشيئته، وأنه بعَدْله وحكمته عذبهم؛ ولهذا قال: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:١٠٧] كَمَا قَالَ {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:٢٣]، وهنا طيب القلوب وثَبَّت المقصود بقوله: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>