للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأثيم أي: في قوله وفعله، وهو الكافر. وذكر غير واحد أنه أبو جهل، ولا شك في دخوله في هذه الآية، ولكن ليست خاصة به.

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه؟

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(لو أن قطرة من الزقوم) شجرة خبيثة مرة كريهة الطعم والريح ويكره أهل النار على تناولها

(قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه) قال: حين قرأ (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مّسْلِمُونَ) [آل عمران: ١٠٢] قال أبو الدرداء: يلقى عليهم الجوع حتى يعدل ما بهم من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة وعذاب أليم، والقصد بهذا الحديث وما أشبهه التنبيه على أن أدوية القلوب استحضار أحوال الآخرة وأحوال أهل الشقاء وديارهم فإن النفس مشفولة بالتفكر في لذائذ الدنيا وقضاء الشهوات وما من أحد إلا وله في كل حالة ونفس من أنفاسه شهوة سلطت عليه واستزقته فصار عقله مسخراً لشهوته فهو مشغول بتدبير حيلته وصارت لذته في طلب الحيلة أو مباشرة قضاء الشهوة فعلاج ذلك أن تقول لقلبك ما أشد غباوتك في الاحتراز من الفكر في الموت وما بعده من أهوال الموقف ثم عذاب جهنم وطعام أهلها وشرابهم فيها يورد على فكرة مثل هذا الحديث ويقول كيف تصبر على مقاساته إذا وقع وأنت عاجز عن الصبر على أدنى آلام الدنيا أهـ.

[*] • قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه التبصرة تعليقاً على هذا الحديث:

أسفاً لأهل النار قد هلكوا وشقوا، لا يقدر الواصف أن يصف ما قد لقوا، كلما عطشوا جيء بالحميم فسقوا، وهذا جزاؤهم إذ خرجوا عن الطاعة وفسقوا، قطعوا والله بالعذاب ومزقوا، وأفرد كل منهم عن فريقه وفرقوا، فلو رأيتهم قد كبلوا في السلاسل وأوثقوا، واشتد زفيرهم وتضرع أسيرهم وقلقوا، وتمنوا أن لم يكونوا وتأسفوا كيف خلقوا، وندموا إذا أعرضوا عن النصح وقد صدقوا، فلا اعتذارهم يسمع ولا بكاؤهم ينفع ولا أعتقوا. أهـ

• وقد دل القرآن على أنهم يأكلون منها حتى تمتلئ منها بطونهم فتغلي في بطونهم كما يغلي الحميم وهو الماء الذي قد انتهى حره ثم بعد أكلهم منها يشربون عليه من الحميم شرب الهيم.

[*] • قال ابن عباس رضي الله عنهما: الهيم الابل العطاش.

<<  <  ج: ص:  >  >>