للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} أي: رُدَّنا إلى الدار الدنيا، فإن عدنا إلى ما سلف منا، فنحن ظالمون مستحقون للعقوبة، كما قالوا: {فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ. ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر: ١١، ١٢] أي: لا سبيل إلى الخروج؛ لأنكم كنتم تشركون بالله إذا وحده المؤمنون.

{قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ (١٠٨) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ}.

هذا جواب من الله تعالى للكفار إذا سألوا الخروج من النار والرجعة إلى هذه الدار، يقول: {اخْسَئُوا فِيهَا} أي: امكثوا فيها صاغرين مُهانين أذلاء. {وَلا تُكَلِّمُونِ} أي: لا تعودوا إلى سؤالكم هذا، فإنه لا جواب لكم عندي.

قال العَوْفِي، عن ابن عباس: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} قال: هذا قول الرحمن حين انقطع كلامهم منه. انتهى.

وقال تعالى: (وَنَادَوْاْ يَمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبّكَ قَالَ إِنّكُمْ مّاكِثُونَ) [الزخرف: ٧٧]

[*] قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره:

{وَنَادَوْا يَامَالِكُ} وهو: خازن النار.

قال البخاري: حدثنا حجاج بن مِنْهال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن عطاء عن صفوان بن يعلى، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ على المنبر: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}

أي: ليقبض أرواحنا فيريحنا مما نحن فيه، فإنهم كما قال تعالى: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: ٣٦]. وقال: {وَيَتَجَنَّبُهَا الأشْقَى. الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى. ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} [الأعلى: ١١ - ١٣]، فلما سألوا أن يموتوا أجابهم مالك، {قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}:

قال ابن عباس: مكث ألف سنة، ثم قال: إنكم ماكثون. رواه ابن أبي حاتم.

أي: لا خروج لكم منها ولا محيد لكم عنها. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>