للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَدَّ المُسْتَكْبِرُونَ عَلَى المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ قَائِلِينَ: إِنَّهُمْ كَافِرُونَ جَاحِدُونَ بِالذَي آمَنَ بِهِ المُسْتَضْعَفُونَ، وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ صَالِحٌ مِنْ رَبِّهِ.

فَقَامَ تِسْعَةُ رَهْطٍ (أَفْرادٍ) مِنْ كُبَرَاءِ ثَمُودَ، بِاسْتِمَالَةِ قَوْمِهِمْ لِمُوافَقَتِهِمْ عَلَى نَحْرِ النَّاقَةِ (عَقْرِهَا)، وَالتَّخَلُّصِ مِنْهَا، فَعَقَرُوهَا اسْتِخْفَافاً بِصَالِحٍ، وَنَاقَتَهِ، وَتَحْذِيرِهِ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ وَعِقَابِهِ، وَتَمَرَّدُوا وَتَجَبَّرُوا عَنِ اتِّبَاعِ الحَقِّ الذِي أَبْلَغَهُمْ إِيَّاهُ صَالِحُ (عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ)، وَقَالُوا لِصَالِحٍ: إِنْ كُنْتَ صَادِقاً بِأَنَّكَ مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّكَ، وَأَنَّكَ تُنْذِرُنَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَأْتِنَا بِهَذَا العَذَابِ.

فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: لَقَدْ حَقَّ عَلَيْكُمْ غَضَبُ اللهِ، فَتَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ يَأْتِيكُمْ بَعْدَهَا عَذَابُ اللهِ، فَأَرَادَ المُجْرِمُونَ قَتْلَ صَالِحٍ، وَقَالُوا: إنْ كَاَن صَادِقاً نَكُنْ قَدْ عَجَّلْنَا بِهِ قَبْلَنَا، وَإِنْ كَانَ كَاذِباً نَكُنْ قَدْ أَلْحَقْنَاهُ بِنَاقَتِهِ، وَتَآمَرُوا عَلَى أَنْ يَقْتُلُوهُ وَيَقُولُوا لأَهْلِهِ: إِنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا مَصْرَعَهُ، وَيَحْلِفُوا عَلَى ذَلِكَ، لِدَفْعِ المَسْؤُولِيَّةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَلَمَّا تَوَجَّهُوا إِلَيهِ لَيْلاً أَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً أَهْلَكَتْهُمْ جَمِيعاً، وَذَلِكَ قَبْلَ حُلُولِ العَذَابِ بِقَوْمِهِمْ.

وَفِي اليَوْمِ الرَّابِعِ اسْتَعَدُّوا لِلْهَلاَكِ، وَجَلَسُوا فِي بُيُوتِهِمْ لا يَدْرُونَ مَا يَكُونُ هذا العَذَابُ، وَلا مَتَى يَأْتِيهِمْ. فَلَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ جَاءَتْهُمْ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَرَجْفَةٌ فِي الأَرْضِ فَفَاضَتْ أَرْوَاحُهُمْ، وَزَهَقَتْ نُفُوسُهُمْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَصْبَحُوا صَرْعَى فِي دِيَارِهِمْ لاَ أَرْواحَ فِيهِم، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، لاَ صَغِيرٌ وَلاَ كَبِيرٌ. وَنَجَى اللهُ صَالِحاً وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ بِرَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>