للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• يا أَيُّهَا النَّاس إِنَّ هَذِهِ الدَّارَ دَارُ التواء لا دَارُ استواء، ومَنزل تَرَح، لا منزل فَرَح، مَنْ عَرَفَهَا لَمْ يَفْرَحِ لِرَخَاءٍ، وَلَمْ يحزَن لشقاء أَلا وَإِنَّ الله عَزَّ وجل خلَقَ َالدُّنْيَا دَارَ بَلْوَى، والآخرةَ دَارِ عُقْبَى فجعلَ بَلْوَى الدُّنْيَا لِثوابِ الآخرةِ سَبَبًا وَثَوَابَ الآخرة مِنْ بَلْوَى الدُّنْيَا عِوَضًا، فيأخذ لِيُعْطي، وَيُبْتَلى لِيَجْزي، إِنَّهَا لَسَرِيعَةُ الذَّهَابِ، وَشِيكَةُ الانْقِلاب، فاحْذَرُوا حَلاوَةَ رِضَاعِهَا لِمَرَارَةِ فِطَامِهَا، وَاهْجُرُوا لَذِيذَ عَاجِلِها لِكَرِيهِ آجِلِهَا وَلا تَسْعَوا فِي عُمْرَانِ دَارٍ قَدْ قَضَى الله خَرَابَها وَلا تُوَاصِلُوهَا، وَقَدْ أَرَادَ الله مِنْكُمْ اجْتِنَابِهَا، فَتَكُونُوا لِسُخْطِهِ مُتَعَرِّضِينَ، وَلِعُقُوبَتِه مُسْتَحِقِّينَ.

• أخي الحبيب:

تفكر في دنياك كم قتلت وتذكر ما صنعت بأَقرانك وما فعلت واحذرها فإِنها عما لا بد منه قد شغلت، وإِياك أن تساكنها فإِنها إِن حلت رحلت ٠

[*] • قال يحيى بن معاذ: الدنيا خمر الشيطان: من شربها لم يفق إلا بين عساكر الموتى نادماً بين الخاسرين قد ترك منها لغير ما جمع وتعلق بحبل غرورها فانقطع وقدم على من يحاسبه على الفتيل والنقير والقطمير فيما انقرض عليه من الصغير والكبير يوم تزل بالعصاة القدم ويندم المسيء على ما قدم.

• واعلم علم اليقين الذي لا يخالطه شك أن حب الدنيا رأس كل خطيئة:

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن سفيان الثوري. قال قال عيسى بن مريم عليه السلام: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والمال فيه داء كثير، قيل: يا روح الله: ما داؤه؟ قال: لا يؤدي حقه، قالوا: فإن أدى حقه. قال: لا يسلم من الفخر والخيلاء، قالوا: فإن سلم من الفخر والخيلاء؟ قال: يشغله استصلاحه عن ذكر الله.

[*] وأخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الحسن، قال: والله لقد عبدت بنو إسرائيل الأصنام بعد عبادتهم للرحمن تعالى بحبهم الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>