للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لله درُّ نفس تطهرت من أجناس هواها، وتجلببت جلباب الصَّبر عند دنياها، وشغلها ما رأى قلبها عما رأت عيناها، وإن مالت إلى الدنيا نهاها نُهاها، وإن مالت إلى الهوى شفاها شفاها، سهرت تطلب رضا المولى فرضي عنها وأرضاها، وقامت سوق المجاهدة على سوق هداها، فباعت حرصها بالقناعة فظفرت بغناها، وفوقت سهام العزائم إلى أهداف المحارم تبتغي علاها، ورمت نجائب الأسحار فساقها حادي الاستغفار إذ عناها، وقطعت بيداء الجد بآلة المستعد فبلغت مُنَاها، فمن أجلها ينزل القطر وينبت الزرع من جزاها، ولولاها لم تثبت الأرض بأهل دنياها، وما أعطَى الصَبابَة ما استَحقَت عَليهِ ولا قَضَى حق المنازل ملاحظها بعين غُرِّى غيري وزائراها بجسم غير ناحل.

• مدح الله تعالى مخالفة الهوى فقال تعالى: (وَأَمّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى النّفْسَ عَنِ الْهَوَىَ * فَإِنّ الْجَنّةَ هِيَ الْمَأْوَىَ) [النازعات ٤٠: ٤١]

قال المفسرون: هو نهي النفس عما حرم الله عليها.

وقال مقاتل: هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر مقامه للحساب فيتركها.

قال تعالى: (وَاتّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث) [الأعراف: ١٧٦] وقال تعالى: (وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) [الكهف: ٢٨]

وقال تعالى: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتّخَذَ إِلََهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) [الفرقان: ٤٣] وقال تعالى: (بَلِ اتّبَعَ الّذِينَ ظَلَمُوَاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلّ اللّهُ) [الروم: ٢٩]

وقال تعالى: (فَإِن لّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَاعْلَمْ أَنّمَا يَتّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلّ مِمّنْ اتّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ اللّهِ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ) [القصص: ٥٠]

قال بعض الحكماء: «الهوى ملك عسوف وسلطان ظالم دانت له القلوب وانقادت له النفوس.»

وقال آخر: إن لكل شيء أبا جاد وإن أبا جاد الحكمة طرد الهوى ووزن الأعمال.

[*] • قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه اللطائف:

الناسُ مِنَ الهَوى عَلى أَصنافِ هَذا ناقِضُ العَهدِ وَهَذا وافي، هَيهَات مِنً الكُدورِ تَبغي الصافي، ما يَصلُحُ لِلحَضرَةِ قَلبٌ جافي.

[*] • وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه المواعظ:

<<  <  ج: ص:  >  >>