للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الجزاء من جنس العمل «سنة ثابتة من سنن الله في خلقه لا تتغير ولا تتبدل»، ولهذا أخبرنا ربنا تبارك وتعالى في كثير من الآيات القرآنية أنه يعامل خلقه بجنس عملهم، إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا، فقال سبحانه وتعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: ١٢٣].

وقال تعالى وتقدس: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة: ٧،٨]

وقال الحق جل في علاه: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس:٤٤]

وقد نص الله تعالى على ذلك في أكثر من مائة موضع، نحو قوله تعالى: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [الفتح: ١٠]، وقوله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس: ٢٣]

وقوله جل ثناؤه: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: ٤٣]

، وقوله عز سلطانه: {وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٣٩]

وقوله جل شأنه: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} [يونس: ٢٧]

وهذا مظهر من مظاهر العدل الإلهي في الدنيا والآخرة.

- والجزاء من جنس العمل منه ما يكون في الدنيا، ومنه ما يكون في الآخرة ومنه ما يكون في التشريع:

• أمثلة للجزاء من جنس العمل في الدنيا:

(١) تسليط الظالمين بعضهم على بعض:

يقول الحق جل وعلا: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: ١٢٩]

(٢) إهلاك المكذبين الذين يؤذون رسل الله وأولياءه:

يقول الله جل ثناؤه: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم: ١٤،١٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>