للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا من تعصي الله إلى متى هذه الغفلة؟ إلى متى هذا الإعراض عن الله؟ ألم يأن لك أخي أن تصحو من غفلتك؟ ألم يأن لهذا القلب القاسي أن يلين ويخشع لرب العالمين أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ [الحديد:١٦]

• يا مخدوعاً قد غُبِن، يا مفتوناً قد فُتِن، مَنْ لكَ إذا سُوِّيَ عليك اللَبِن.

• يا حليف النوم والوسادة، يا أسير الشهوات وقد نسي مَعَادَه، يا قليل الزاد مع قُربِ مماته، أما آن لك أن تفِيق من تلك الرُقَادة، لقد ربح القوم وأنت نائم، وَخِبْتَ ورجعوا بالغنائم، بالليل نائم وبالنهار هائم وتعيش عيش البهائم، ثم تدعي أنك فاهم وأنت لا شك واهم.

• يا مَنْ شاب وما تاب، أموقنٌ أنت أم مُرْتاب، مَنْ آمن بالسؤالِ فليُعدَّ له جواب، وللجواب صواب.

• يا مَنْ كلما طال عمره زاد ذنبه، يا مَنْ كلما ابيض شَعْرُه اسوَّدَ بالآثام قلبه.

• يا مَنْ ضيَّعَ عمرَه في غير طاعة، يا مَنْ بضاعته التسويف والتفريط فَبِئْسَت البضاعة، إلى متى هذا التسويف، ولا ينفعُ فيك وعظٌ ولا تعنيف، إذا وُعِظت لم تنتفع وإذا رُدِعْتَ لم ترتدع، وإذا لم تجد جواباً قلت لم أقتنع، هذا كتاب الله لو أُنزل على جبلٍ رأيته يتصدع، ومع ذلك فلا قلبٌ لك يخشع ولا عينُ تدمع، أين الخشوع والخضوع أين البكاء وجَرَيانُ الدموع أين التوبةُ والرجوع.

• أما بان لك العيب، أما أنذرك الشيب، وما في نُصحه ريب، أما اعتبرت بمن رحل أما وعظتك العبر أما كان لك سمعٌ ولا بصر ٠

• إلى متى هذا التواني، يا مغروراً بالأماني.

• إلى متى هذا الإعراض والعمر في انقراض.

• إلى متى هذا التقصير، وإلى البلى المصير، أو ما علمت أن العمر قصير ولم يبق منه إلا اليسير، فتزود للسفر الطويل، ولا تتكلم بغير تفكير ولا تعمل بغير تدبير، ولا يشغلنك أحدٌ عن جد المَسِيْر، ولا تُضَيِّعُ الأوقات النفيسة في الأفعال الخسيسة، الدنيا ساعة فاجعلها طاعة والنفس طماعة فَرَوِّضْهَا القناعة.

• أو ما علمت أن معالي الأُمور لا تنال بالفتور، وإنما تنال بالجد والاجتهاد والتشمرِ ليومِ المعاد، وخلعِ الراحة واستفراغ الوسع في الطاعة، أو ما علمت أن من جد وجد ومن زرع حصد، وليس من سهر كمن رقد والأمور تحتاج إلى وثبة أسد، فإذا عزمت فبادر وإذا هممت فثابر، واعلم أنه لا يدرك المفاخر من كان في الصف الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>