للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللوامة في قوله: {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللوَّامَةِ} [القيامة: ٢].

وذكرت النفس المذمومة في قوله: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [النازعات: ٤٠].

وأما الشيطان فذكر في عدة مواضع، وأفردت له سورة تامة. فتحذير الرب تعالى لعباده منه جاء أكثر من تحذيره من النفس، وهذا هو الذي لا ينبغي غيره، فإن شر النفس وفسادها ينشأ من وسوسته، «فهي مَرْكَبَه وَمَوضِعَ شره، ومحل طاعته»، وقد أمر الله سبحانه بالاستعاذة منه عند قراءة القرآن وغير ذلك، وهذا لشدة الحاجة إلى التعوذ منه، ولم يأمر بالاستعاذة من النفس في موضع واحد، وإنما جاءت الاستعاذة من شرها في خطبة الحاجة في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا".

وقد جمع النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بين الاستعاذة من الأمرين.

- ثم ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله الحديث الآتي:

(حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) أنه قال: يارسول الله، مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت، وإذا أمسيت قال: "" قل: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شىء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، «أعوذ بك من شر نفسي، وشرِ الشيطان وَشِرْكِهِ»، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِى سُوءًا أَوْ أَجرهُ إِلَى مُسْلِمٍ،"" قال: "" قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ.

- ثم قال رحمه الله تعالى:

فقد تضمن هذا الحديث الشريف الاستعاذة من الشر وأسبابه وغايته، «فإن الشر كله إما أن يصدر من النفس أو من الشيطان»، وغايته: إما أن تعود على العامل. أو على أخيه المسلم، فتضمن الحديث مصدري الشر اللذين يصدر عنهما وغايتيه اللتين يصل إليهما.

- وقال أيضاً رحمه الله تعالى:

قال الله تعالى إخبارا عن عدوه إبليس، لما سأله عن امتناعه عن السجود لآدم واحتجاجه بأنه خير منه وإخراجه من الجنة أنه سأله أن يُنْظِره، فأنظره، ثم قال عدو الله:

{فَبِما أغْوَيْتَنِى لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيْمَانهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أكْثَرهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: ١٦ - ١٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>