للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] • قال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، وكيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته.

[*] • وقال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة، قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ، فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة، قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى؛ فإنك إن أسأت فيما بقى، أخذت بما مضى وبما بقي.

[*] • وقال بعض الحكماء: من كانت الليالي و الأيام مطياه، سارت به وإن لم يسر، وفي هذا قال بعضهم:

وما هذه الأيام إلا مراحل ... يحث بها داع إلى الموت قاصد

وأعجب شيء لو تأملت أنها ... منزل تطوى والمسافر قاعد

[*] • قال الحسن رحمه الله: لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار، وتقريب اللآجال.

[*] • وكتب الأوزاعي إلى أخ له: أما بعد، فقد أحيط بك من كل جانب، واعلم أنه يسر بك في كل يوم وليلة، فاحذر الله والمقام بين يديه، وأن يكون آخر عهدك به، والسلام.

• ولله درُ من قال:

نسير إلى الآجال في كل لحظة ... وأيامنا تطوى وهن مراحل

ولم أر مثل الموت حقاً كأنه ... إذا ما تخطه الأماني باطل

وما أقبح التفريط في زمن الصبا ... فكيف به والشيب للرأس شامل

ترحل من الدنيا بزاد من التقى ... فعمرك أيام وهن قلائل

وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيها واجعل لها من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيها من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري) قال: أخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل). وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.

ولقد حث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمته في اغتنام حياتهم في الأعمال الصالحة كما في الأحاديث الآتية:

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك و صحتك قبل سقمك و فراغك قبل شغلك و شبابك قبل هرمك و غناك قبل فقرك.

[*] قال المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(اغتنم خمساً قبل خمس): أي افعل خمسة أشياء قبل حصول خمسة أشياء

(حياتك قبل موتك) يعني اغتنم ما تلقى نفعه بعد موتك فإن من مات انقطع عمله وفاته أمله وحق ندمه وتوالى همه فاقترض منك لك

<<  <  ج: ص:  >  >>