للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٧) الحكمة، فلابد من الحكمة في سياسة النفس فإن من لم يكن حكيما ربما أهلك نفسه وهو يريد إصلاحها، ولا تتم الحكمة إلا بأمرين (:

أ - علم معرفة النفس. ب - علم كيفية سياسة النفس.

(٨) صحبة المُرَبِّيْن والصالحين.

وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث أبي هريرة الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.

[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

(فلينظر أحدكم من يخالل) أي فليتأمل أحدكم بعين بصيرته إلى امرئ يريد صداقته فمن رضي دينه وخلقه صادقه وإلا تجنبه.

{تنبيه}: (وقد جهل الكثير الطريق الذي يزكون به أنفسهم ولذلك هم صنفان:

أ - صنف لم يصل إلى هذه التربية والتزكية التي ينشدها.

ب - صنف آخر وصل إلى شيء مما أراد ولكن مع جهد كبير.

[كيفية سياسة النفس في تزكيتها:]

مسألة: كيف يكون الإنسان حكيما مع نفسه حتى يسوسها في التربية ويأتي على مراتب أهل العلم في تزكية النفس وتربيتها؟

(الحكمة مع النفس وسياستها:

يكون ذلك من خلال أمرين متلازمين:

(١) علم معرفة النفس.

(٢) علم كيفية السياسة لها وكيف تُراض؟ وكيف تؤدب؟

(أما بالنسبة للأمر الأول: فيؤكده ما قاله ابن القيم في الفوائد بقوله: " لا ينتفع بنعمة الإيمان والعلم إلا من عرف نفسه ووقف بها عند قدرها ولم يتجاوز ما ليس له "

والتعرف على النفس من خلال جهتين أساسيتين:

(أ) التعرف على حوائج النفس وطباعها.

(ب) الانكفاء على النفس لمعرفة معايبها ومثالبها، والمعايب منها ما هو مشترك في جنس الناس، ومنها ما هو مختلف.

فأما المشترك فهما نوعان هما: [الظلم والجهل]

فالإنسان يدافع هذين النوعين بأضدادهما، فضد الجهل: العلم، وأعلاه مرتقى العلم النافع المأخوذ من الوحي كتابا وسنة، والظلم يدافع بالعدل، والعدل لفظ جمع الخيرات كلها.

والوقف على معايب النفس وخللها يكون بشرطين:

ذكرها ابن القيم في: (مدارج السالكين) أولهما: العلم، وثانيهما: الصدق مع النفس فلا يجاملها ولا يحابيها.

(أما بالنسبة للأمر الثاني: وهو المعرفة بقواعد الحكمة مع النفس عند تربيتها، فجماع ذلك أربع قواعد:

القاعدة الأولى: التدرج مع النفس:

<<  <  ج: ص:  >  >>