للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتدرج من المقاصد الشرعية إلا أن التدرج مع النفس محوط بضابط أصيل قام عليه الدليل وهو: أن التدرج لا يكون في باب الشرع إلا في أمور ثلاثة:

(أ) المستحبات. (ب) المكروهات. (ج) الزهد والورع المستحب.

وأما أن يريد الإنسان إعمال التدرج في مطلوب واجب كصلاة الجماعة مثلا فهذا حرام، ولا يجوز في الإسلام، ولا يجوز إدخال التدرج في ترك المحرمات؛ بل يجب على الإنسان تركها حالا.

القاعدة الثانية: الأولويات، بأن يُراعي الأهم فالأهم:

ولا يستطيع الإنسان إعمال هذه القاعدة حقا حتى يكون عالما بمراتب الشرع عارفا بمقاصد التشريع، وأما إن كان جاهلا فإنه لا يستطيع إعمال هذه القاعدة حق الإعمال، ولا ريب أن هذه القاعدة لها فقه وضوابط، ولها دقائق أيضا، من دقائقها ما ذكره شيخ الإسلام كما في (مجموع الفتاوي) بقوله: " ليس كل ما كان أفضل يشرع لكل أحد بل كل واحد يشرع له أن يفعل مل هو أفضل له ".

القاعدة الثالثة: أن يُجمّ الإنسان نفسه ويريح ذاته في سيرها إلى التزكية والتربية:

فالنفس كالراحلة إذا لم ترحها انقطعت، فعلم أن للنفس حق عليك، وهو أن تريحها وتجمها، وقد كان السلف يعنون بهذا.

القاعدة الرابعة: إعمال اللين والرفق مع النفس:

واللين والرفق أعم معنى من التدرج مع النفس، فينبغي أن تكون لينا مع نفسك رفيقا معها، واللين والرفق ينبغي إعماله مع النفس في موضعه، فالحزم وقت الحزم، والرفق في موضعه.

[أقسام التزكية:]

التزكية تقوم على أمرين: تخلية وتحلية:

تخلية للنفس عن كل الذنوب والسيئات، والمعاصي والبليات، والقبائح والمسترذلات.

وتحلية لها بالمكرمات، وتنمية المستحسن من الأخلاق والعادات حتى تبلغ بها النفس المطمئنة كما أشار الغزالي إلى ذلك بقوله: "جوهر عملية التزكية: الارتقاء بالنفس درجة درجة، من السيئ إلى الحسن ثم ترقيها في مراتب الحسن والصفاء حتى تبلغ أعلى المستويات الإنسانية وأسماها، فتتحول من نفس أمارة بالسوء أو لوامة إلى نفس مطمئنة راضية عن ذاتها مرضية عند مولاها وربها".

(منزلة التزكية في الدين:

<<  <  ج: ص:  >  >>