للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول رحمه الله تعالى في شرح اليقظة: ((واعلم أن العبد قبل وصول الداعي إليه في نوم الغفلة «قلبه نائم وطرفه يقظان» فصاح به الناصح و أسمعه داعِ النجاح وأذن به مؤذن الرحمن حي على الفلاح))، فأول مراتب هذا النائم اليقظة و الانتباه من النوم هذا هو الكلام. أهـ.

«قلبه نائم وطرفه يقظان» عينه مفتوحة يأكل ويشرب ويذهب ويأتي ويتكلم ويعمل ويبيع ويشتري ويحب ويكره لكن قلبه نائم.

ومن المعلوم شرعاً أن الله يريد منك قلبك لا يريد منك شيئاً أخر، يريد منك الله سبحانه و تعالى قلبك، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.

هذا هو الذي يريده الله منك قلبك، أين قلبك؟! عندما يكون قلبك نائم لا يعرف الله؟! هل النائم يمشي؟! لا؛ إذا كان يوجد ولد نائم وعنده امتحان صباحاً أول شيء يقوم به أنه يستيقظ لكي يذهب إلى الامتحان، أول ما يستيقظ لا يجري على الامتحان، لا بل أول ما يستيقظ ينتبه، هذه هي إنزعاج القلب نحن نريد إنزعاج القلب، أن القلب ينتفض.

يقول الشيخ: ((فتارة تقع اليقظة بمجرد فكر يوجبه نظر العقل، فيتلمح الإنسانُ وجود نفسه فيعلم أن له صانعاً وقد طالبه بحقه، وشكر نعمته، وخوَّفه عقاب مخالفته، ولا يكون ذلك بسبب ظاهر)).

أحيانا تجد رجل يلتزم بعد أن كان في الضلال، وفجأة أعفى لحيته ظبط ملابسه دخل المسجد وانتهى عن الموسيقى والأغاني، بطل أكل حرام وربا ونصب وكذب، دخل المسجد وظل يصلي ويقرأ قرآن يتقرب إلى الله بدون أسباب ظاهرة.

مسألة: ما تعريف اليقظة عند صاحب منازل السائرين؟

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

وصاحب المنازل يقول: "هي القومة لله المذكورة في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى) [سبأ: ٤٦].

قال: "القومة لله هي اليقظة من سنة الغفلة والنهوض عن ورطة الفترة «وهي أول ما يستنير قلب العبد بالحياة لرؤية نور التنبيه» وهي على ثلاثة أشياء:

(لحظ القلب إلى النعمة على اليأس من عدها والوقوف على حدها، والتفرغ إلى معرفة المنة بها، والعلم بالتقصير في حقها".

<<  <  ج: ص:  >  >>