للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل) يعني يقبل التوبة من العصاة ليلاً ونهاراً أي وقت كان فبسط اليد عبارة عن قبول التوبة ومن قبل توبته فداه بأهل الأديان يوم القيامة كما مر ويجيء في خبر وفيه تنبيه على سعة رحمة اللّه وكثرة تجاوزه عن المذنبين ولا يزال كذلك

(حتى تطلع الشمس من مغربها) فإذا طلعت منه غلق باب التوبة قال في المطامح: ومن أنكر طلوعها من مغربها كفر وسمعت عن بعض أهل عصرنا أنه ينكره نعوذ باللّه من الخذلان انتهى وأنت خبير بأن جزمه بالتكفير لا يكاد يكون صحيحاً سيما في حق العامة لأنه لم يبلغ مبلغ المعلوم من الدين بالضرورة ومجرد وروده في أخبار صحاح لا يوجب التكفير فتدبر.

(وهذا نبي الرحمة وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان يتوب في اليوم مائة مرة.

(حديث الأغرِّ المُزني في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يا أيها الناس! توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة.

[*] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم مائة مرة" هذا الأمر بالتوبة موافق لقوله تعالى: (وَتُوبُوَاْ إِلَى اللّهِ جَمِيعاً أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:٣١] وقوله تعالى: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوَاْ إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نّصُوحاً) [التحريم: ٨] وقد سبق في الباب قبله بيان سبب استغفاره وتوبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن إلى الاستغفار والتوبة أحوج. قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: للتوبة ثلاثة شروط: أن يقلع عن المعصية، وأن يندم على فعلها، وأن يعزم عزما جازما أن لا يعود إلى مثلها أبدا، فإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فلها شرط رابع وهو رد الظلامة إلى صاحبها أو تحصيل البراءة منه، والتوبة أهم قواعد الإسلام وهي أول مقامات سالكي طريق الاَخرة.

(حديث الأغرِّ المُزني في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إِنّهُ لَيُغَانُ عَلَىَ قَلْبِي. وَإِنّي لأَسْتَغْفِرُ اللّهَ، فِي الْيَوْمِ، مِائَةَ مَرّةٍ".

[*] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

<<  <  ج: ص:  >  >>