للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن صحيح الإيمان، وصحيح التقوى هو مَنْ تَجَنَّب الحرام، واتقى الوقوع في الشبهات، فضلًا عن الوقوع في الحرام؛ فاجتناب الذرائع، وما يُقَرِّبُ إلى الحرام مطلوب ((فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ)).

الأمر الرابع: ترك المكروهات وترك فضول المباحات.

بعد ما علمنا أن حقيقة الاستقامة تشمل امتثال جميع المأمورات، واجتناب جميع المحرَّمات، ومن كمالها أداء النوافل، وهي أيضًا على مراتب في الفضل وفي التأكد، أيضًا من كمالها ترك المكروهات، وترك فضول المباحات.

وعلى ذلك: فأهل الاستقامة ليسوا على مرتبة واحدة، فيهم المقربون، وفيهم المقتصدون، وهم لا يخرجون عن وصف الاستقامة، أما الظالمون لأنفسهم فإنهم ليسوا من أهل الاستقامة المطلقة؛ لأنهم مُخَلِّطون ((خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً)) [التوبة:١٠٢].

فلم يكونوا مستقيمين الاستقامة التي أمر الله بها، عندهم تفريط، وبهذا نعلم أن الاستقامة تتفاوت، ويتفاضل فيها أهلها.

الخامس: الاستمرار على طريق الاستقامة حتى الموت.

فمن المعلوم أن كثيراً من الناس ممن يسير على طريق طالباً لأمر يستطيل الطريق فلا يطيق السير وأضرب لهذا مثلاً في السير على الطريق الحسي فمن المعلوم قد ينطلق جَمْعٌ كثيرٌ من الناس للوصول إلى مطالب وحظوظ، فمنهم من يكون عنده صدق في الطلب، وعزم صادق، وعنده يقين بحصول المطلوب، وهو من مطالب الحياة، ومنهم من يكون ضعيف فيتقاعس، وربما رجع من الطريق، وربما سار ببطء، فمِن مفهوم الاستقامة التي أمرنا الله بها، وأثنى بها على المؤمنين الثبات والدوام حتى الممات، فالذي آمن، وسار على الطريق، ثم انحرف يمينًا، أو شمالًا بإفراط، أو تفريط، أو رجع فما استقام، لابد لتحقق الاستقامة من الاستمرار؛ لأن من تراجع لا يصل إلى مطلوبه، ولهذا أكَّد الله هذا بقوله: ((وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ))، وفي الحديث، ((فلتأته مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)) كما تقدَّم معنا.

بما يشتمل عليه اسم الإيمان من الأفعال أو التروك.

السادس: عدم الانحراف:

<<  <  ج: ص:  >  >>