للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] (ووضع الإمام ابن القيم رحمه الله قاعدة جليلة في التفكر: أصل الخير والشر من قبل التفكر فإن الفكر مبدأ الإرادة والطلب في الزهد والترك والحب والبغض وأنفع الفكر ما يلي:

(١) الفكر في مصالح المعاد.

(٢) وطرق اجتلابها.

(٣) وفي دفع مفاسد المعاد .. ،

(٤) وفي طرق اجتنابها .. ،فهذه أربعة أفكار هي أجل الأفكار ويليها أربعة هي ما يلي:

(١) فكر في مصالح الدنيا ..

(٢) وطرق تحصيلها ..

(٣) وفكر في مفاسد الدنيا ..

(٤) وطرق الاحتراز منها، فعلى هذه الأقسام الثمانية دارت أفكار العقلاء.

قال: ورأس القسم الأول الفكر في آلاء الله ونعمه وأمره ونهيه وطرق العلم به وبأسمائه وصفاته من كتابه وسنة نبيه وما والاهما، وهذا الفكر يثمر لصاحبه المحبة والمعرفة فإذا فكر في الآخرة وشرفها ودوامها وفي الدنيا وخستها وفنائها يثمر له ذلك الرغبة في الآخر ة والزهد في الدنيا، وكلما فكر في قصر الأمل وضيق الوقت أورثه ذلك الجد والاجتهاد وبذل الوسع في اغتنام الوقت.

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى التفكر في كتابه مقروناً بذكر الأمثال والنعم و المخلوقات وكذلك ما نراه في هذا الكون من قدرته عز وجل وهذه بعض الآيات التي فيها الأمر بالتفكر أو مدح المتفكرين أو أنه خلق أشياء للمتفكرين ..

(قال تعالى: (أَيَوَدّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنّةٌ مّن نّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلّ الثّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرّيّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيّنُ اللّهُ لَكُمُ الاَيَاتِ لَعَلّكُمْ تَتَفَكّرُونَ) [البقرة: ٢٦٦] فهذا الرجل قلبه متعلق بالبستان من حيث:

(١) أنه جنة وليس مزرعة صغيرة.

(٢) أن فيها أشجار متنوعة .. نخيل وأعناب.

(٣) أن فيها أشجار نفيسة وأعلاها قيمة وقدراً .. النخيل والأعناب.

(٤) أن الماء الذي في هذه الجنة لا يستخرج من الآبار بالمجهود الكبير بل إن هناك أنهار تجري في هذه الجنة.

(٥) أصابه الكبر .. والإنسان إذا أصابه الكبر يحتاج إلى شيء يعود إليه بالمال دون أن يتعب فيه كثيراً.

(٦) له ذرية ضعفاء صغار مرضى فهو يخشى أن يموت والأولاد أين مصدر رزقهم .. لا يوجد إلا هذه الجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>