للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(للفرارِ فضلٌ عظيم وأجرٌ جسيم، فهي نعمةٌ عظيمة، وَمِنَّةٌ جسيمة، نعمة كبرى، ومنحة عظمى،، له فضائل لا تحصى، وثمرات لا تعد، وله أهمية كبرى، وثمرات جليلة، وفضائل عظيمة، وأسرار بديعة، وهو طريق النجاة، وسلم الوصول، ومطلب العارفين، ومطية الصالحين، ومن أعظم ما تكلم عنها العالم الحبر العلامة الضياء اللامع والنجم الساطع الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، فقد كان من حلية الأولياء وأعلام النبلاء وحراس العقيدة وحماة السنة وأشياع الحق وأنصار دين الله عز وجل، حاملُ لواء السنة وناصرها وقامع البدعة ودامغها.

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} "منزلة الفرار".

قال الله تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّه} [الذاريات: ٥٠]

وحقيقة الفرار: الهرب من شيء إلى شيء، وهو نوعان: فرار السعداء وفرار الأشقياء.

(ففرار السعداء: الفرار إلى الله عز وجل.

(وفرار الأشقياء: الفرار منه لا إليه.

وأما الفرار منه إليه: ففرار أوليائه.

قال ابن عباس في قوله تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} فروا منه إليه واعملوا بطاعته وقال سهل بن عبد الله: "فروا مما سوى الله إلى الله"

وقال آخرون: "اهربوا من عذاب الله إلى ثوابه بالإيمان والطاعة".

{تنبيه}: (إن الذي يمعن النظر في آية الذاريات قال تعالى: (فَفِرّوَاْ إِلَى اللّهِ إِنّي لَكُمْ مّنْهُ نَذِيرٌ مّبِينٌ) [الذاريات: ٥٠] يجد أنها من أعجب الآيات وذلك لان «الفرار يكون من وليس إلى» لأن الذي يفر خائف هارب، كما في الآيات الآتية:

قال تعالى: (لَوِ اطّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوْلّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) [الكهف: ١٨]

و قال تعالى: (قُلْ إِنّ الْمَوْتَ الّذِي تَفِرّونَ مِنْهُ فَإِنّهُ مُلاَقِيكُمْ) [الجمعة: ٨]

«الله تعالى هو الوحيد الذي تفر منه إليه»

لأن الله تعالى قال: (يَمَعْشَرَ الْجِنّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطَانٍ) [الرحمن: ٣٣]

هذا تمام الإحاطة بالعباد، فإذا أردت أن تفر منه إلى من تفر؟؟؟

وهو محيط بكل شيء ستفر منه إليه، ولذلك فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمرنا أن نعلن الفرار كل يوم منه إليه كما في الحديث الآتي: (

<<  <  ج: ص:  >  >>