للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمحب الصادق يذكر محبوبه دائماً والموعد الذي بينهما للقاء، ولا ينسى موعد لقاء حبيبه، و ماهو موعد اللقاء؟، هناك موعدان، الأول الموت و الثاني يوم القيامة، والثالث اللقاء في الجنة والنظر إلى وجه الرب. إذاً فالموت هو الموعد الأول للقاء مع الله وليس معنى هذا أن العبد يريد الموت الآن وأنه يتمناه ويدعو به على نفسه، لكن إذا نزل الموت بالعبد الصالح أحب نزوله، لأنه سيفضي به الآن إلى لقاء الله وما أعد له من الثواب والنعيم ويكون بقرب ربه قال تعالى: (إِنّ الْمُتّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مّقْتَدِرِ) [القمر: ٥٥]، يريد أن يكون عند ربه وأن يصل إليه من الألطاف والإنعام بعد الموت من الله ما يصل، فضلاً عن ما يكون له من الجزاء العظيم في الجنة، فمحبة لقاء الله تعالى ولما علم الله عز وجل شوق عباده المحبين له والمطيعين ضرب لهم موعداً بينه وبينهم وهو الموت قال تعالى: (مَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ اللّهِ فَإِنّ أَجَلَ اللّهِ لاَتٍ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ) [العنكبوت: ٥]

(٢) أن يكون أنسه بالخلوة ومناجاة الله تعالى وتلاوة كتابه فيواظب على التهجد ويغتنم هدوء الليل وصفاء الوقت بانقطاع العوائق، فإن أقل درجات التنعم بمناجاة الحبيب فمن كان النوم والاشتغال بالحديث ألذّ عنده من مناجاة الليل فكيف تصح محبته؟، فإن المحب يتلذذ بخدمة محبوبه وتصرفه في طاعته وكلما كانت المحبة أقوى كانت لذة الطاعة والخدمة أكمل ولذا جعلت قرةُ عين النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصلاة بنص السنة الصحيحة كما جاء في الحديث الآتي:

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح النسائي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: حبب إلي من الدنيا الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة.

(جعلت قرة عيني في الصلاة):

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

<<  <  ج: ص:  >  >>