للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد دلت هذه الآية على أن أبا بكر أفضل الناس بعد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لأن الله وصفه بصفات عجيبة في هذه الآية، دالة على علو شأنه في الدين، أورد الرازي في تفسيره أربع عشرة صفة مستنبطة من هذه الآية: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} منها أنه وصفه بأنه صاحب الفضل على الإطلاق من غير تقييد لذلك بشخص دون شخص، والفضل يدخل فيه الإفضال، وذلك يدل على أنه - رضي الله عنه -، كان فاضلاً على الإطلاق كان مفضلاً على الإطلاق. ومنها أنه لما وصفه تعالى بأنه أولوا الفضل والسعة بالجمع لا بالواحد وبالعموم لابالخصوص على سبيل المدح، وجب أن يقال: إنه كان خالياً عن المعصية لأن الممدوح إلى هذا الحد لايكون من أهل النار (١).

(٣٠) غيرة الصديق - رضي الله عنه - وتزكية النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لزوجه:

(حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الثابت في صحيح مسلم) أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر الصديق وهي تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال لم أر إلا خيرا فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن الله قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر فقال لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان.

[(٣١) خوفه من الله تعالى:]

إن الخوف من الله عز وجل فضيلة تدفع العبد إلى الحذر من المعاصي، ومراقبة الله تعالى في السر والعلن، فتزكو أفعاله، وتجمل أعماله وقد أمر المؤمنين بالخوف منه فقال: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (سورة البقرة، آية:٤٠). وقال: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (سورة هود، آية:١١٢). وجعل للعبد الخائف منه أجراً عظيماً فقال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (سورة الرحمن، آية:٤٦).

والسنة الصحيحة طافحة بوجوب الخوف من الله تعالى منها ما يلي:


(١) تفسير الرازي (١٨/ ٣٥١)

<<  <  ج: ص:  >  >>