للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٩) أن يتأسف على ما يفوته من طاعة الله وذكره، فترى أشد الأشياء عليه ضياع شيء من وقته فإذا فاته ورده وجد لفواته ألماً أعظم من تألم الحريص على ماله من فوات ماله وسرقة ماله وضياع ماله، وبادر إلى قضائه في أقرب فرصة كما كان يفعل الصادق المصدوق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما جاء في الحديث الآتي:

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم) قالت: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا عمل عملاً أثبته وكان إذا نام من الليل أو مرض صلّى من النهار اثنتا عشرة ركعة.

(١٠) أن يستقل في حق محبوبه جميع أعماله ولا يراها شيئاً، ولا يرى أن ما عبده به وأطال وصبر عليه أنه بذل شيئاً، فلا يراه قط إلا بعين النقص والإزدراء ويرى شأن محبوبه أعظم من كل ما عمل من أجله وأعلى قدراً فلا يرضى بعمله، بل يتهم عمله ويحتقره ويخشى أنه ما وفّى حق محبوبه بل ويتوب إليه من النقص. لذلك بعد الصلاة يقول أستغفر الله، فهو دائم الاستغفار للنقص الحاصل في عبادة الرب. وكلما ازداد حباً لله ازداد معرفة بحقه فاستقل عمله أكثر. فكلما ازداد حبّاً ازداد عملاً واحتقاراً لما عمل امتثالاً لقوله تعالى: قال تعالى: (وَالّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنّهُمْ إِلَىَ رَبّهِمْ رَاجِعُونَ) [المؤمنون: ٦٠]

[*] (ما هي الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى؟

إن من المعلوم شرعاً أن محبة الله تعالى لا تنال إلا بالعمل وليس بمجرد الزعم أو القول الخالي من العمل الدال على صدقه، وفي الجملة «ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدَّقه العمل»، فإلى من إراد أن يرقى من منزلة المحب لله، إلى منزلة المحبوب من الله، أقدم لك هذه الأسباب العشرة التي ذكرها الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتابه العظيم (مدارج السالكين) مع شرح مختصر لها.

ودونك الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى جملةً وتفصيلاً:

(أولاً: الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى جملةً:

السبب الأول: قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد به، كتدبير الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه.

السبب الثاني: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، فإنها موصلة إلى درجة المحبوب بعد المحبة.

السبب الثالث: دوام ذكره على كل حال، بالسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>