للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: ليس من شروط الرضا ألا يحس العبد بالألم و المكاره، بل من شروط الرضا عدم الاعتراض على الحكم و ألا يسخط، و لذلك فإن الرضا لا يتناقض مع وجود التألم و كراهة النفس لما يحصل من مكروه ..

فالمريض مثلاً يرضى بشرب الدواء مع أنه يشعر بمرارته و يتألم لمرارته، لكنه راضٍ بالدواء مطمئنٌ بأخذه مقبلٌ على أخذه، لكنه في ذات الوقت يَطْعَم مرارة الدواء ..

والصائم رضي بالصوم و صام و سُرَّ بذلك .. لكنه يشعر بألم الجوع .. هل بشعوره بألم الجوع يكون غير راضٍ بالصيام؟! لا .. هو راضٍ بالصيام و يشعر بالجوع ..

والمجاهد المخلص في سبيل الله راضٍ عند الخروج للجهاد .. و مُقْدِمٌ عليه .. مقتنع به ..

لكن يحس بالألم .. و التعب .. و الغبار .. و النعاس .. و الجراح ..

إذاً لا يشترط أن يزول الألم و الكراهية للشيء إذا حصل الرضا، لكن بعض أصحاب المقامات العالية جداً يستلذّون بالألم إذا حصل في الجهاد أو الصيام ..

لكن لا يشترط أن الفرد إذا أحس بالألم في العبادة أن يكون غير راضٍ .. ليس شرطاً.,.

وطريق الرضا طريقٌ مختصرٌ قريبةٌ جداً، لكن فيها مشقةٌ، و ليست مشقتها أصعب من مشقة المجاهدة، و لكن تعتريها عقبتان أو ثلاث:

(١) همةٌ عاليةٌ:

(٢) نفسٌ زكيّةٌ:

(٣) توطين النفس على كل ما يَرِدُ عليها من الله تعالى ..

و يسهُل ذلك على العبد إذا عرف ضعفه و قوة ربه، و جهله و علم ربه،

و عجزه و قدرة ربه .. و أن الله رحيمٌ شفيقٌ به، بارٌّ به، فهو البرُّ الرحيم ..

فالعبد إذا شهد هذه المقامات رضي، فالله عليمٌ حكيمٌ وهو رؤوفٌ، وهو أعلم بما يُصْلِح العبد من العبد، و توقن أن ما اختاره لك هو الأفضل و الأحسن ..

عباراتٌ أحياناً ترد لكن الإنسان إذا آمن بها وصل إلى المطلوب ..

أحياناً هناك مقاماتٌ إيمانيةٌ يبلغها الإنسان بقلبه و يأخذ بها أجراً عظيماً يرتقي بها عند الله وهي عبارةٌ عن تفكّراتٍ (يفكّر فيها فيهتدي إليها فيأخذ بها فيحصل على المطلوب فلم يبذل جهداً بل هي أشياءٌ تأمليةٌ) ..

فالتفكّر من أعظم العبادات ...

فإذا تفكّر العبد أن ما يختاره له ربه هو الأحسن و الأفضل ..

فإذا آمن بها الإنسان رضي ..

و تحصيل الرضا غير معقّدٍ .. كيف؟!

أن تؤمن بأن ما اختاره الله لك وقدّره عليك هو أحسن شيءٍ لك .. سواءً كان موتُ ولدٍ أو مرضٍ أو تركُ وظيفةٍ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>