للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٥) الشكر هو الغاية من الخلق قال تعالى: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل: ٧٨].

فهذه غاية الخلق، أما غاية الأمر قال تعالى: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلّةٌ فَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ) [آل عمران: ١٢٣]

فكما قضى الله لهم بالنصر فليشكروا هذه النعمة.

(١٦) وأخبر سبحانه أنه لا يعذب الشاكرين من عباده فقال سبحانه: مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً [النساء:١٤٧]

(١٧) وأطلق سبحانه جزاء الشاكرين إطلاقاً وهو أكرم الأكرمين، وجعله عليه سبحانه فقال عز وجل: وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ [آل عمران:١٤٥]. وقال سبحانه: وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران:١٤٤]

(وفصل الخطاب:

أن الشكر غاية الخلق وغاية الأمر فخلق ليشكر وأمر ليشكر قال تعالى: (فَاذْكُرُونِيَ أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) [البقرة: ١٥٢]،

والشكر مراد لنفسه والصبر مراد لغيره، أنت تصبر لأجل أن يحدث ما يترتب عليه وما يؤدي إليه من الأشياء، والشكر غاية في نفسه والصبر وسيلة إلى غيره وإلى ما يحمد وليس مقصوداً لنفسه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن حذيفة المرعشي، قال: دخلنا مكة مع إبراهيم بن أدهم، فإذا شقيق البلخي قد حج في تلك السنة فاجتمعنا في شق الطواف فقال إبراهيم لشقيق: على أي شيء أصلتم أصلكم؟ قال: أصلنا أصلنا على أنا إذا رزقنا أكلنا وإذا منعنا صبرنا، فقال إبراهيم: هكذا تفعل كلاب بلخ، فقال له شقيق: فعلى ماذا أصلتم؟ قال: أصلنا على أنا إذا رزقنا آثرنا وإذا منعنا شكرنا وحمدنا، فقام شقيق فجلس بين يدي إبراهيم فقال: يا أستاذ أنت أستاذنا.

(١٦) من أعظم فضائل الشكر التأسي بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان عبدا شكوراً بنص السنة الصحيحة: وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:

(حديث عائشة الثابت في الصحيحين) قالت: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلتُ له لم تصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر، فقال أفلا أحبُ أن أكونَ عبدا شكوراً)

والله يرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها:

<<  <  ج: ص:  >  >>