للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((وقال ابن حجر رحمه الله: في شرح كتاب الأدب من صحيح البخاري قال الراغب: «الخَلق والخُلق في الأصل بمعنى واحد، كالشَرب والشُرب، لكن خُص الخلق الذي بالفتح بالهيئات والصور المدركة بالبصر، وخص الخُلق الذي بالضم بالتقوى والسجايا المدركة بالبصيرة»، فالشكل والصورة التي تدرك بالبصر تسمى خَلْقاً، والسجايا والطبائع التي تدرك بالبصيرة تسمى خُلقاً.

((وقال القرطبي رحمه الله تعالى في المفهم: الأخلاق أوصاف الإنسان التي يعامل بها غيره، وهي محمودة ومذمومة، فالمحمودة على الإجمال: أن تكون مع غيرك على نفسك، فتنصف منها ولا تنصف لها، وعلى التفصيل: العفو، والحلم، والجود، والصبر، والرحمة، والشفقة، والتوادد، ولين الجانب، ونحو ذلك، والمذموم منها ضد ذلك: أي: ضد الأخلاق المحمودة، كالكذب والغش والقسوة ونحوها من الأخلاق الرديئة.

(الأخلاق ومكانتها في الإسلام:

إن للأخلاق فضلٌ عظيم وأجرٌ جسيم، فهي نعمةٌ عظيمة، وَمِنَّةٌ جسيمة، نعمة كبرى، ومنحة عظمى، شأنها عظيم، ونفعها عميم، لها فضائل لا تحصى، وثمرات لا تعد، ولها أهمية كبرى، وثمرات جليلة، وفضائل عظيمة، وأسرار بديعة، وهي طريق النجاة، وسلم الوصول، ومطلب العارفين، ومطية الصالحين، وهي روح الأعمال ومحك الأحوال، والحامل على اقتحام الأهوال، وهي الباب الذي يدخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال.

وتأمل في قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:٤].

إن موضوع الخلق من الموضوعات الإسلامية المهمة التي عليها يدور نجاح حياة المسلم، فكيف ينجح العَالِمُ في وظيفته إذا لم يكن على خلق؟ وكيف ينجح الزوج في حياته إذا لم يكن على خلق؟ وكيف ينجح الداعية في حياته إذا لم يكن على خلق؟ وكيف ينجح الأخ مع إخوانه إذا لم يكن على خلق؟ فالأخلاق عليها مدار نجاح الإنسان في هذه الحياة، حتى قال بعض العلماء: إن الدين كله هو الخلق، ونحن نعيش أزمة أخلاق في واقعنا، سواءً على مستوى العلاقات الزوجية، أو المصلين في المساجد، أو الطلاب والمدرسين، أو الموظف والمراجعين، أو الجار وجيرانه، بل بين طلبة العلم والعلماء والأقران، وهذا مما يؤكد أهمية طرق هذا الموضوع.

(أهمية الجانب الأخلاقي في منهج السلف:

<<  <  ج: ص:  >  >>