للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الله تبارك وتعالى جعل للغارمين نصيبا في الصدقات المفروضة، وجعل لهم حقا معلوما في مال الأغنياء، قال تعالى: (إِنّمَا الصّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة:٦٠].

والغارمون هم من ركبتهم الديون ولزمتم، ثم لم يجدوا لها وفاء، فأهل الأموال مطالبون شرعا بقضاء دين الغارمين، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

((حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) قال * أصيب رجل في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تصدقوا عليه فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لغرمائه خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك.

فعلى أصحاب الأموال وذوي الغنى والثراء أن يتفقدوا الغارمين من الفقراء، والأغنياء على حد سواء، فإن الرجل لو أوتي من المال نصيبا، ثم كان عليه من الدين أكثر مما عنده فهو من الغارمين، فوجب على أصحاب الأموال أن يقضوا عنه دينه، حتى يخرجوه من هذه الكربة التي نزلت به، ولو أن أصحاب الأموال والغنى والثراء، ولو أن رجال الأعمال تفقد بعضم بعضا وبحثوا عن الغارمين منهم وقضوا دينهم، لوقف الرجل على رجليه مرة ثانية، وسعى فرزقه الله، ولم يعد يحتاج إلى الناس بعد ذلك، ولكن مشكلة الأغنياء أنهم يتغافلون عن الديون التي تلزم إخوانهم أصحاب الأموال، ولا يفكرون في قضائها عنهم، في حين أن الإسلام قد جعل قضاء الدين عن الغارمين من أبواب الصدقات المفروضة.

(ومن قضاء حوائج المسلمين أن تطرد عن مسلم جوعا:

<<  <  ج: ص:  >  >>