للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣١) التأمين على الدعاء من المستمع:

كما في قصة دعاء موسى وهارون _ عليهما السلام _ على فرعون وآله.

قال المفسرون: كان موسى يدعو، وهارون يؤمن. (١)

ولهذا قال _ تعالى _: [قد أجيبت دعوتكما] يونس،٨٩.

(٣٢) تجنب الدعاء على الأهل، والمال، والنفس:

لأن الدعاء يقصد منه جلب النفع ودفع الضر، والدعاء على الأهل، والمال، والنفس _ لا مصلحة وراءه، بل هو ضرر محض على الداعي نفسه؛ فماذا سيجني من فساد أهله، وماله، ونفسه؟

(حديث جابر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم؛ لا توافقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم.

(٣٣) ألا يتكلف السجع:

ذلك أن حال الداعي حال ذلة وضراعة، والتكلف لا يناسب ذلك.

قال بعضهم: ادع بلسان الذلة والافتقار، لا بلسان الفصاحة والانطلاق. (٢)

[*] قال الخطابي: ويكره في الدعاء السجع، وتكلف صفة الكلام له. (٣)

(فصل الخطاب في مسألة السجع:

السجع المذموم في الدعاء، هو المتكلف، لأنه يذهب بالخشوع والخضوع والإخلاص، ويلهي عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب،

(حديث عِكْرِمَةَ رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَثَلَاثَ مِرَارٍ وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا الْقُرْآنَ وَلَا أُلْفِيَنَّكَ تَأْتِي الْقَوْمَ وَهُمْ فِي حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ فَتَقْطَعُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ فَتُمِلُّهُمْ وَلَكِنْ أَنْصِتْ فَإِذَا أَمَرُوكَ فَحَدِّثْهُمْ وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ، يَعْنِي لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ ".

فلا ينبغي للداعي أن يتكلف السجع، وصنعة الكلام، ويحاول أن يأتي بكلمات لا يفهمها أغلب الناس، بل يرفق بالناس ويأتي بدعاء مفهوم معلوم، لا تعقيد فيه ولا غموض، ولا يحتاج إلى فك لرموزه،


(١) انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/ ٤١١.
(٢) إحياء علوم الدين، ١/ ٣٠٦.
(٣) شأن الدعاء ص١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>