للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{تنبيه}: (لقد ضرب السلف الصالح أروع المثل في قراءة القرآن واستذكاره، فكان الكثير منهم يختمون كل ثلاث ليالٍ، وبعضهم كل ليلتين ومنهم من كان يختم في كل يومٍ وليلة، فمن الذين كانوا يختمون في كل يومٍ وليلة عثمان ابن عفان وتميم ابن أوس الداري وسعيد ابن جبير ومجاهد والشافعي.

(٥) ويجب عليه أن يجاهد نفسه في مراجعة القرآن حتى يشربه كشرب اللبن:

(حديث عقبة ابن عامر في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال سيخرج أقوام من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن.

{تنبيه}: (هنا سؤال يطرح نفسه ما الدليل على جواز ختم القرآن في يومٍ وليلة، خاصةً وأنه ورد في السنة الصحيحة أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث؟

والجواب أن نقول بتوفيق الله:

أنه يجوز ختم القرآن في يومٍ وليلة لفعل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد أمرنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن نتبع سنتهم وبيَّن أن سنتهم من سنته.

(حديث العرباض بن سارية في صحيح أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و أن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة.

الشاهد: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ فعطف سنتهم على سنته فدل ذلك على أن سنتهم من سنته.

الرد على (حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث.

يكون من وجهين:

{الأول}: المقصود بالنفي هنا نفي الفقه لا نفي الثواب ولذا عبَّر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله (لا يفقه)

{الثاني}: ليس في الحديث دليلٌ على تحريم ختمه في أقل من ثلاث إذ لا يلزم من عدم فهم معناه تحريم قراءته.

(٦) ينبغي لحامل القرآن أن يعتني بقراءة القرآن بالليل أكثر من النهار، وذلك لكونها أجمع للقلب وأثبت للحفظ لقوله تعالى: (إِنّ نَاشِئَةَ اللّيْلِ هِيَ أَشَدّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً) [المزمل / ٦]

ولأنه بالليل يسهل طرد الشواغل عن الذهن، ثم إن الليل أصون من الرياء وغيره من المحبطات.

<<  <  ج: ص:  >  >>