للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ مَعَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ، وَاتِّفَاقِهِمَا فِي الدَّلاَلَةِ وَالْمَدْلُولِ، فَهُوَ أَنَّ الْهَوَى مُخْتَصٌّ بِالأرَاءِ وَالاعْتِقَادَاتِ، وَالشَّهْوَةَ مُخْتَصَّةٌ بِنَيْلِ اللَّذَّةِ. «فَصَارَتْ الشَّهْوَةُ مِنْ نَتَائِجِ الْهَوَى وَهِيَ أَخَصُّ»، وَالْهَوَى أَصْلٌ هُوَ أَعَمُّ. وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَنَا دَوَاعِيَ الْهَوَى، وَيَصْرِفَ عَنَّا سُبُلَ الرَّدَى، وَيَجْعَلَ التَّوْفِيقَ لَنَا قَائِدًا، وَالْعَقْلَ لَنَا مُرْشِدًا.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ:

مَا مَنْ رَوَى أَدَبًا فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ: وَيَكُفَّ عَنْ زَيْغِ الْهَوَى بِأَدِيبِ

حَتَّى يَكُونَ بِمَا تَعَلَّمَ عَامِلاً: مِنْ صَالِحٍ فَيَكُونَ غَيْرَ مَعِيبِ

وَلَقَلَّمَا تُغْنِي إصَابَةُ قَائِلٍ أَفْعَالُهُ: أَفْعَالُ غَيْرِ مُصِيبِ

وَقَالَ آخَرُ:

يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ: هَلاَ لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ

تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى: كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ

ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا: فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ

فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى: بِالْقَوْلِ مِنْك وَيُقْبَلُ التَّعْلِيمُ

لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ: عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>