للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَّلُ مَا فَرَضَ بَعْدَ تَصْدِيقِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِبَادَاتِ الأبْدَانِ، وَقَدْ قَدَّمَهَا عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالأمْوَالِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ عَلَى الأمْوَالِ أَشَحُّ وَبِمَا يَتَعَلَّقُ بِالأبْدَانِ أَسْمَحُ، وَذَلِكَ الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ. فَقَدَّمَ الصَّلاَةَ عَلَى الصِّيَامِ؛ لِأَنَّ الصَّلاَةَ أَسْهَلُ فِعْلاً، وَأَيْسَرُ عَمَلاً، وَجَعَلَهَا مُشْتَمِلَةً عَلَى خُضُوعٍ لَهُ وَابْتِهَالٍ إلَيْهِ. فَالْخُضُوعُ لَهُ رَهْبَةٌ مِنْهُ، وَالابْتِهَالُ إلَيْهِ رَغْبَةٌ فِيهِ، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

((حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن المصلي يناجي ربه فلينظر بم يناجيه و لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن.

المناجاة: حديث العبد لربه سرا بالتضرع أو الدعاء أو ما يشاء.

(وأورد الماوردي رحمه الله تعالى في أدب الدين والدنيا عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ صَلاَةٍ اصْفَرَّ لَوْنُهُ مَرَّةً وَاحْمَرَّ أُخْرَى فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَتَتْنِي الأمَانَةُ الَّتِي عُرِضَتْ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالارْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلْتهَا أَنَا فَلاَ أَدْرِي أَأُسِيءُ فِيهَا أَمْ أُحْسِنُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>