للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأورد الآجري رحمه الله تعالى في أدب النفوس عن قتادة قال: «يا ابن آدم إن كنت تريد أن لا تأتي الخير إلا على نشاط، فإن نفسك إلى السآمة (١) (١) والفتور والكلل أقرب، ولكن المؤمن هو العجاج، والمؤمن هو المتوقي، والمؤمن هو المتشدد، وإن المؤمنين هم الجائرون إلى الله عز وجل بالليل والنهار، والله ما زال المؤمنون يقولون: ربنا ربنا، في السر والعلانية حتى استجاب لهم»

مسألة: ما هي وجوه لزوم التأديب؟

(قال الماوردي رحمه الله تعالى في أدب الدين والدنيا:

التَّأْدِيبُ يَلْزَمُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا مَا لَزِمَ الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ فِي صِغَرِهِ.

(وَالثَّانِي مَا لَزِمَ الإنسانَ فِي نَفْسِهِ عِنْدَ نُشُوئِهِ وَكِبَرِهِ.

(فَأَمَّا التَّأْدِيبُ اللاَزِمُ لِلْأَبِ فَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ وَلَدَهُ بِمَبَادِئِ الآدابِ لِيَأْنَسَ بِهَا، وَيَنْشَأَ عَلَيْهَا، فَيَسْهُلَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا عِنْدَ الْكِبْرِ لِاسْتِئْنَاسِهِ بِمَبَادِئِهَا فِي الصِّغَرِ؛ لِأَنَّ نُشُوءَ الصِّغَرِ عَلَى الشَّيْءِ يَجْعَلُهُ مُتَطَبِّعًا بِهِ، وَمَنْ أُغْفِلَ تَأْدِيبُهُ فِي الصِّغَرِ كَانَ تَأْدِيبُهُ فِي الْكِبَرِ عَسِيرًا.

(وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: بَادِرُوا بِتَأْدِيبِ الأطفالِ قَبْلَ تَرَاكُمِ الأشغالِ وَتَفَرُّقِ الْبَالِ.

(وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:

إنَّ الْغُصُونَ إذَا قَوَّمْتَهَا اعْتَدَلَتْ وَلاَ يَلِينُ إذَا قَوَّمْتَهُ الْخَشَبُ

قَدْ يَنْفَعُ الأدبُ الأحْدَاثَ فِي صِغَرٍ وَلَيْسَ يَنْفَعُ عِنْدَ الشَّيْبَةِ الأدبُ

(وَأَمَّا الأدبُ اللاَزِمُ لِلْإِنْسَانِ عِنْدَ نُشُوئِهِ وَكِبَرِهِ فَأَدَبَانِ:

«أَدَبُ مُوَاضَعَةٍ وَاصْطِلاَحٍ، وَأَدَبُ رِيَاضَةٍ وَاسْتِصْلاَحٍ».


(١) السآمة: الملل.

<<  <  ج: ص:  >  >>