للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة: ما الفرق بين الإخلاص و الصدق؟

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

وقد تنوعت عبارتهم في الإخلاص و الصدق والقصد واحد.

فقيل: «هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة»

وقيل: «تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين»

وقيل: «التوقي من ملاحظة الخلق حتى عن نفسك»

«و الصدق التنقي من مطالعة النفس»

«فالمخلص لا رياء له» «والصادق لا إعجاب له»

«ولا يتم الإخلاص إلا بالصدق ولا الصدق إلا بالإخلاص» ولا يتمان إلا بالصبر

وقيل: «من شهد في إخلاصه الإخلاص احتاج إخلاصه إلى إخلاص»

فنقصان كل مخلص في إخلاصه: بقدر رؤية إخلاصه فإذا سقط عن نفسه رؤية الإخلاص صار مخلصا مخلصا.

(سُرُورِ الْإِنْسَانِ بِمَعْرِفَةِ طَاعَتِهِ هل يناقض الإخلاص:

مسألة: إذَا سُرَّ الْإِنْسَانُ بِمَعْرِفَةِ طَاعَتِهِ هَلْ هُوَ مَذْمُومٌ؟

(قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

إنْ كَانَ قَصْدُهُ إخْفَاءَ الطَّاعَةِ وَالْإِخْلَاصَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكِنَّهُ لَمَّا أَطْلَعَ عَلَيْهِ الْخَلْقَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ أَطْلَعَهُمْ وَأَظْهَرَ الْجَمِيلَ مِنْ أَحْوَالِهِ فَسُرَّ بِحُسْنِ صَنِيعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَظَرِهِ لَهُ وَلُطْفِهِ بِهِ حَيْثُ كَانَ يَسْتُرُ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ فَأَظْهَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الطَّاعَةَ وَسَتَرَ الْمَعْصِيَةَ فَيَكُونُ فَرَحُهُ بِذَلِكَ لَا بِحَمْدِ النَّاسِ , وَقِيَامِ الْمَنْزِلَةِ فِي قُلُوبِهِمْ أَوْ يَسْتَدِلُّ بِإِظْهَارِ اللَّهِ الْجَمِيلَ وَسَتْرِ الْقَبِيحَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ كَذَلِكَ يَفْعَلُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ قَدْ جَاءَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ فَرَحُهُ بِإِطْلَاعِ النَّاسِ عَلَيْهِ لِقِيَامِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُمْ حَتَّى يَمْدَحُوهُ وَيُعَظِّمُوهُ وَيَقْضُوا حَوَائِجَهُ فَهَذَا مَكْرُوهٌ مَذْمُومٌ. أهـ

ثم إن الفرح بتوفيق الله العبد للطاعة مشروع وهذا لا شك يَسُرُّ الْعُقَلَاءَ ويُبْهِجُ الْفُضَلَاءَ، وتأمل في النصوص الآتية بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيها واجعل لها من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيها من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

قال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ) [يونس: ٥٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>