للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(سَبْعِينَ أُمَّةً) أَيْ يَتِمُّ الْعَدَدُ بِكُمْ سَبْعِينَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِلتَّكْثِيرِ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ، فَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ بِسَبْعِينَ التَّكْثِيرُ لَا التَّحْدِيدُ لِيُنَاسِبَ إِضَافَةَ الْخَيْرِ إِلَى الْمُفْرَدِ النَّكِرَةِ لِأَنَّهُ لِاسْتِغْرَاقِ الْأُمَمِ الْفَائِتَةِ لِلْحَصْرِ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهَا، أَيْ إِذَا نَقَصَتْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ كُنْتُمْ خَيْرَهَا وَتُتِمُّونَ عِلَّةٌ لِلْخَيْرِيَّةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخَتْمُ، فَكَمَا أَنَّ نَبِيَّكُمْ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ أَنْتُمْ خَاتَمُ الْأُمَمِ. انْتَهَى. وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُمَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَّةً.

وقال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلََئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [سورة: التوبة - الآية: ٧١]

وقال تعالى: (فَلَماّ نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُوَءِ وَأَخَذْنَا الّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) [سورة: الأعراف - الآية: ١٦٥]

قال تعالى [فلما نسوا ما ذكروا به] أي فلما أبى الفاعلون قبول النصيحة

[أَنجَيْنَا الّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُوَءِ وَأَخَذْنَا الّذِينَ ظَلَمُواْ] أي ارتكبوا المعصية "بعذاب بئيس" فنص على نجاة الناهين وهلاك الظالمين.

مَرَاتِبُ إنْكَارِ الْمُنْكَرِ:

" أَعْلَاهُ بِالْيَدِ ثُمَّ بِاللِّسَانِ , ثُمَّ بِالْقَلْبِ "" ولَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ " وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث أبي سعيد في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>