للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أحسن ما قاله بعض السلف: ثلاث آيات غنيت بهن عن جميع الخلائق الأولى: (وَما مِنْ داَّبةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلى اللهِ رِزْقُهَا) [هود: ٦].

الثانية: (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها)) [فاطر: ٢].

الثالثة: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إَلاَّ هُوَ)) [الأنعام: ١٧].أهـ

والقناعة صفة كريمة، تعرب عن عزة النفس، وشرف الوجدان وكرم الأخلاق.

إنما صار القانع من أغنى الناس، لأن حقيقة الغنى هي: عدم الحاجة إلى الناس، والقانع راض ومكتف بما رزقه الله، لا يحتاج ولا يسأل سوى الله.

قناعة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرضى بما عنده، ولا يسأل أحدًا شيئًا، ولا يتطلع إلى ما عند غيره، فكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعمل بالتجارة في مال السيدة

خديجة -رضي الله عنها- فيربح كثيرًا من غير أن يطمع في هذا المال، وكانت تُعْرَضُ عليه الأموال التي يغنمها المسلمون في المعارك، فلا يأخذ منها شيئًا، بل كان يوزعها على أصحابه.

وكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينام على الحصير، فرآه الصحابة وقد أثر الحصير في جنبه، فأرادوا أن يعدوا له فراشًا لينًا يجلس عليه؛ فقال لهم: (ما لي وما للدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها. كما في الحديثين الآتيين:

(حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) قال نام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حصير فقام وقد أثر في جنبه قلنا يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء فقال ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها.

(حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) قال: دخلت على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو على حصير قال فجلست فإذا عليه إزاره وليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثر في جنبه وإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع وقرظ في ناحية في الغرفة وإذا إهاب معلق فابتدرت عيناي فقال ما يبكيك يا ابن الخطاب فقال يا نبي الله وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى وذاك كسرى وقيصر في الثمار والأنهار وأنت نبي الله وصفوته وهذه خزانتك قال: يا ابن الخطاب أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟ قلت بلى.

لا قناعة في فعل الخير:

<<  <  ج: ص:  >  >>