للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ديوجانس الكلبي من أساطين حكماء اليونان، وكان متقشفا، زاهدا، لا يقتني شيئا، ولا يأوي إلى منزل، دعاه الإسكندر إلى مجلسه. فقال للرسول قل له: إن الذي منعك من المسير إلينا، هو الذي منعنا من المسير إليك، منعك استغناؤك عنا بسلطانك، ومنعني استغنائي عنك بقناعتي)

في حجرة صغيرة فوق سطح أحد المنازل , عاشت الأرملة الفقيرة مع طفلها الصغير حياة متواضعة في ظروف صعبة. . ... إلا أن هذه الأسرة الصغيرة كانت تتميز بنعمة الرضا و تملك القناعة التي هي كنز لا يفنى. . . لكن أكثر ما كان يزعج الأم هو سقوط الأمطار في فصل الشتاء ,

فالغرفة عبارة عن أربعة جدران , و بها باب خشبي , غير أنه ليس لها سقف!. . و كان قد مر على الطفل أربعة سنوات منذ ولادته لم تتعرض المدينة خلالها إلا لرخات قليلة و ضعيفة , إلا أنه ذات يوم تجمعت الغيوم و امتلأت سماء المدينة بالسحب الداكنة. . . . . و مع ساعات الليل الأولى هطل المطر بغزارة على المدينة كلها , فاحتمى الجميع في منازلهم , أما الأرملة و الطفل فكان عليهم مواجهة موقف عصيب!!. .

نظر الطفل إلى أمه نظرة حائرة و اندسّ في أحضانها , لكن جسد الأم مع ثيابها

كان غارقًا في البلل. . . أسرعت الأم إلى باب الغرفة فخلعته و وضعته

مائلاً على أحد الجدران , و خبأت طفلها خلف الباب لتحجب عنه سيل المطر المنهمر.

فنظر الطفل إلى أمه في سعادة بريئة و قد علت على وجهه ابتسامة الرضا , و قال لأمه: " ماذا يا ترى يفعل الناس الفقراء الذين ليس عندهم باب حين يسقط عليهم المطر؟!! " لقد أحس الصغير أنه ينتمي إلى طبقة الأثرياء. .

وما أحلى قول أبي فراس الحمداني في القناعة:

إن الغني هو الغني بنفسه ولو أنه عار الناكب حاف *

ما كل ما فوق البسيطة كافيا فإذا قنعت فكل شيء كاف.

(٧٤) إقالة ذوي الهيئات عثراتهم:

(حديث عائشة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود.

ذوو الهيئات: أهل المروءة والخصال الحميدة.

العثرة: الزلة والسقطة.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(أقيلوا) أيها الأئمة: من الإقالة، وهي الترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>