للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثالثا: شروط الحكم]

المراد بالحكم هنا: الحكم الثابت في الأصل المقيس عليه، وله شروط أهمها:

١ ـ أن يكون حكما شرعيا عمليا، لا عقليا ولا لغويا؛ لأن الحكم العقلي لا يثبت بالقياس، واللغوي وإن أمكن ثبوته بالقياس لكنه ليس القياس الشرعي المصطلح عليه عند العلماء.

ومعنى قولهم عمليا: أي ليس من الأحكام الاعتقادية، كاعتقاد وجود الله واتصافه بصفات الكمال، وثبوت الجنة والنار والبعث والجزاء، فهذه أحكام عقدية لا مدخل للقياس في إثباتها، وإنما تثبت بالتوقيف.

٢ ـ أن يكون باقيا غير منسوخ، فالحكم المنسوخ لا يجوز إثبات مثله في الفرع بطريق القياس.

وقول بعض العلماء: «الحكم المنسوخ لا يجوز القياس عليه» فيه تساهل في العبارة؛ فإن الحكم ليس مقيسا عليه، بل الأصل هو المقيس عليه، وهذا التعبير ناشئ من عدم الالتزام بالمصطلح، فالأصل يطلق على المقيس عليه، ويطلق على حكم الأصل، ولكن ينبغي أن يسير المؤلف على أحد هذه الإطلاقات ولا يعبر بهذا اللفظ مرة عن المعنى الأول ومرة عن المعنى الثاني، فيوقع القارئ في الحيرة.

ونقل عن بعض الحنفية أنهم أجازوا القياس على ما نسخ حكمه، ولكن ليس في إثبات الحكم المنسوخ نفسه للفرع، بل لإثبات بعض شروطه أو قيوده أو صفاته الأخرى، ومثلوه بقياس صيام رمضان على صيام عاشوراء في جواز صحته بنية من النهار قبل الزوال، وصيام عاشوراء كان واجبا ونسخ وجوبه برمضان، ومع ذلك قاسوا صوم رمضان الذي هو فرض على صيام عاشوراء

<<  <   >  >>