للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا نستطيع أن نقول: ظاهر كلام الأصوليين أن النزاع في كل أمر تعلق بأمر الغير بشيء هل يعد أمراً لذلك الغير من الآمر الأول؟ ولكن خروج الصورة الأولى ـ التي يكون فيها المأمور الأول مبلغا ـ له وجه؛ لتصريح الآمر الأول بأنه يأمر المأمور الثاني (قل لفلان إني آمره بكذا).

[الأقوال في المسألة]

القول الأول: أن الأمر بالشيء ليس أمراً بذلك الشيء في حق الطرف الثالث.

وهذا القول هو مذهب جمهور الأصوليين ولا يكاد يوجد في كتب الأصول المشهورة من يختار خلافه.

واستدلوا له بما يلي:

١ - قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع» الحديث (أخرجه أبو داود والترمذي وصححه الحاكم).

ووجه الدلالة من الحديث لا تتضح إلا بضم الإجماع إلى هذا الدليل، فيقال في تقريره: لو كان الأمر بالأمر أمراً لكان قول الرسول صلى الله عليه وسلم «مروا ابناءكم بالصلاة لسبع» أمرا من الرسول صلى الله عليه وسلم للصبيان، وإلإجماع قائم على أن الصبيان غير مأمورين بالصلاة بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم المذكور.

ويمكن أن يقرر الاستدلال بالحديث بضم حديث آخر إليه فيقال: لو كان الأمر بالأمر أمرا لكان قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع» أمرا للصبيان وتكليفا لهم، ولكن الصبيان غير مكلفين بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة» وذكر منهم: «الصبي حتى يحتلم» (رواه أحمد وأصحاب السنن).

٢ - لو كان الأمر بالأمر أمرا، لكان الرجل إذا قال لمالك العبد: مُرْ عبدك أن

<<  <   >  >>