للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - ما ثبت في الصحيحين من استشهاد الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف٥٤]، على علي - رضي الله عنه - عند ما أيقظه النبي صلى الله عليه وسلم هو وفاطمة لصلاة الليل، فقال علي: إن أرواحنا بيد الله، إن شاء بعثنا، فولى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضرب فخذه ويقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} (متفق عليه)، مع أن الآية نزلت في الكفار الذين يجادلون في القرآن.

القول الثاني: أنه يجب قصر العام على سببه، وإليه ذهب بعض الشافعية, ونسب إلى الإمام الشافعي، ونقل عن المزني وأبي ثور، وحكي عن أبي الفرج المالكي، ونقل أيضا عن أبي حنيفة.

دليله: أن اتفاق العلماء على نقل أسباب النزول والعناية بها يدل على أنها ذات أثر في فهم الآيات، ولا أثر إلا قصر الآيات العامة على أسبابها، ولولا ذلك لما كان لنقل الأسباب فائدة.

والراجح: الأول، ونقل العلماء لأسباب النزول لا يدل على قصر العام على سببه؛ لأن نقل الأسباب له غايات أخرى، منها: أن الأسباب تساعد في فهم النصوص الشرعية وتفسير ما يغمض منها، ومنها: أن نقل السبب يبين تاريخ نزول الآية أو ورود الحديث ليعرف المتقدم عليه والمتأخر عنه من النصوص الأخرى، فيعرف الناسخ من المنسوخ.

[ثمرة الخلاف]

مما ترتب على الخلاف في المسألة: اختلافهم في حل متروك التسمية، فإن الحنفية والحنابلة استدلوا بعموم آية: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام١٢١]، على تحريم كل ما لم يسم عليه عند ذبحه، واستثنى الحنابلة ما تركت التسمية عليه نسيانا للعذر، وذهب الشافعي إلى حل متروك التسمية عمدا، وقصر الآية على سبب نزولها فإنها نزلت فيما يذكر عليه اسم غير الله.

<<  <   >  >>