للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك كقوله تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة٢٣٠]. فلفظ تنكح زوجا غيره، يحتمل الاكتفاء بالعقد، أو لزوم الوطء بعد العقد.

ولولا بيان الرسول صلى الله عليه وسلم للمراد من ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: «حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» (متفق عليه من حديث عائشة) لكان مجملا.

٣ـ الإطلاق أو التعميم في موضع لا يمكن العمل فيه بالمعنى الظاهر من اللفظ لافتقاره إلى التحديد:

ومثاله قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام١٤١]، فالحق مطلق غير محدود ولا معروف المقدار، وكذلك الأمر بالصلاة قبل بيان صفتها.

والفرق بين هذا السبب والسبب الأول: أن السبب الأول يكون للفظ فيه معنيان محددان أو معانٍ محددة نجزم بأن المراد أحدها، وأما في هذا السبب فإن المعنى المقصود غير معروف بعينه، ولا هو محصور في معان محددة بحيث يتردد بينها.

[الفرق بين المجمل والمشترك]

يعقد كثير من الأصوليين فصلا أو بابا للمشترك وآخر للمجمل، مع أن القارئ لا يتبين له في الغالب الفرق بينهما.

وقد فرق بينهما بعض العلماء بأن الإجمال بالنسبة إلى الفهم، والاشتراك بالنسبة إلى وضع اللفظ واستعماله.

ولبيان ذلك أقول: كون الدليل مجملا أمر نسبي يختلف من عالم لآخر، فقد يكون الدليل مجملا عند عالم ومبينا عند غيره، وذلك بحسب ما يصل إليه اجتهاد كل منهما.

<<  <   >  >>