للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون) (١)

وينبغي لمن عزم على الزيارة أن يتأدب بآدابها ويحضر قلبه في إتيانها ويقصد بزيارته وجه الله وإصلاح فساد قلبه ثم يعتبر بمن صار تحت التراب وانقطع عن الأهل والأحباب فليتأمل الزائر حال من مضى من إخوانه ودرج من أقرانه الذين بلغوا الآمال وجمعوا الأموال كيف انقطعت آمالهم ولم تغن عنهم أموالهم ومحا التراب محاسن وجوههم وافترقت في القبور أجزاؤهم وترمل بعدهم نساؤهم وشمل ذل اليتم أولادهم وليتذكر آفة الانخداع بالأسباب والركون إلى الصحة والشباب والميل إلى اللهو واللعب وأنه لا بد صائر إلى مصيرهم، وليتفكر في حال الميت كيف تهدمت رجلاه، وسالت عيناه، وأكل الدود لسانه، وأبلى التراب أسنانه. (٢)

يا من يصيح إلى داعي الشقاء وقد ... نادى به الناعيان الشيب والكبر

إن كنت لا تسمع الذكرى ففيم ترى ... في رأسك الواعيان السمع والبصر

ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل ... لم يهده الهاديان العين والأثر

لا الدهر يبقي ولا الدنيا ولا الفلك ... الأعلى ولا النيران الشمس والقمر

ليرحلن عن الدنيا وإن كرها ... فراقها الثاويان البدو والحضر (٣)


(١) رواه مسلم رقم ٩٧٤.
(٢) التذكرة للقرطبي ص: ١٦ وما بعدها بتصرف.
(٣) الأبيات لعبد الله بن محمد الأندلسي الشنتريني: تفسير ابن كثير ٥/ ٤٣٦.

<<  <   >  >>