للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى ذلك أن المشكلة في هذا العصر ليست في العلم والفهم بقدر ما هي في العمل والتطبيق، فصلاح الفرد الذي ينطلق من خلاله مشروع نهضة الأمة لن يتم إلا بالعمل، وفي نفس الوقت هناك تثاقل شديد تجاه العمل ... فما الحل؟

[محاولات]

ومع اتجاه العلماء والمصلحين إلى مخاطبة أفراد الأمة بضرورة العمل، وكثرة حديثهم بصيغة: علينا أن نفعل كذا ... لابد أن نقوم بكذا وكذا ... ، إلا أن الحديث في الغالب لا يتطرق إلى كيفية استنهاض الهمم وتقوية العزائم للقيام بهذه الأعمال بصورة دائمة.

نعم، هناك محاولات تُبذل في هذا الاتجاه، ولكنها في الغالب تعمل على شحذ همة الأفراد بصورة وقتية من خلال الحديث المؤثر الذي يخاطب المشاعر، ويدفع للسلوك فتتحسن أحوال وأفعال الفرد بعد سماعه لهذا الحديث المؤثر، لكنه يعود لسابق عهده بعد انتهاء تأثيره.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد ازداد في الآونة الأخيرة الحديث عن المهارات الإدارية والمتابعة كعنصر فعال وضامن قوي لتنفيذ الواجبات، وبالفعل فكلما قويت المتابعة وكانت لصيقة بالفرد ازدادت درجة تنفيذه للأعمال التي تطلب منه، ولكن لأن الدافع للعمل في الغالب لا ينبع من داخله فقد أصبحت الأعمال تُؤَدى بلا روح أو بصورة آلية, مما أدى إلى تحسن الشكل دون المضمون، والدليل على ذلك هو الواقع، والمعاملات، والتي تدل على أن هناك حلقة مفقودة، وأن الجهد الكبير الذي يُبذل في التعليم والتوجيه والمتابعة لا يقابله أثر إيجابي ملحوظ في السلوك، كل ذلك يحدث لأن الدافع الذي يدفع المرء للقيام بالعمل دافع خارجي وليس داخليًا.

[ضامن التنفيذ]

إن المعاني الإصلاحية الجيدة والفهم الصحيح لكثير من مسائل الدين التي أصبحت شائعة الآن بين المسلمين - مع أهميتها - إلا أنها لا تكفي وحدها لإحداث التغيير داخل الفرد ومن ثمَّ عودة الأمة إلى الله، بل لابد أن يواكبها وجود ضامن وطريقة تتكفل بتنفيذها.

هذا الضامن إما خارجي أو داخلي.

الضامن الخارجي يكون من خلال التوجيه وشحذ الهمم، وكذلك من خلال قوة المتابعة، وهذا وحده لا يكفي لاستمرارية الفرد في التنفيذ لأنها مرتبطة باستمرار التوجيه والمتابعة في كل وقت، وهذا من المستحيل تحقيقه، ناهيك عن الأداء الشكلي الذي سيصاحب التنفيذ، ومن ثمَّ تظل الفجوة قائمة بين الواجب والواقع ...

معنى ذلك أنه لابد أن يكون الضامن الذي يضمن تنفيذ التوجيهات والتوصيات نابعًا من داخل الفرد، دافعًا له دومًا إلى التنفيذ طمعًا في نيل رضا الله ومثوبته.

وصدق من قال:

<<  <   >  >>