للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يؤدي إليك من كل معنى صورة نقية وافية: (نقية) لا يشوبها مما هو غريب عنها، (وافية) لا يشذ عنها شيء من عناصرها الأصلية ولواحقها الكمالية ... كل ذلك في أوجز لفظ وأنقاه.

ضع يدك حيث شئت من المصحف، وعد ما أحصته كفك من الكلمات عدًا، ثم أحص عدتها من أبلغ كلام تختاره خارجًا عن الدفتين، وانظر نسبة ما حواه هذا الكلام من المعاني إلى ذاك. ثم انظر: كم كلمة تستطيع أن تسقطها أو تبدلها من هذا الكلام دون إخلال بغرض قائله؟ وأي كلمة تستطيع أن تسقطها أو تبدلها هناك؟

فكتاب الله - كما يقول ابن عطية - (لو نُزعت منه لَفظة، ثم أدير لسان العرب على لفظة أحسن منها لم توجد). بل هو كما وصفه الله {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود:١] (١).

القرآن إيجاز كله:

القرآن إيجاز كله، سواء مواضع إجماله ومواضع تفصيله، والقرآن يستثمر دائمًا برفق أقل ما يمكن من اللفظ في توليد أكثر ما يمكن من المعاني ... أجل، تلك ظاهرة بارزة فيه كله، يستوي فيها مواضع إجماله التي يسميها الناس مقام الإيجاز، ومواضع تفصيله التي يسمونها مقام الإطناب، ولذلك نسميه إيجاز كله ... فليس فيه كلمة إلا هي مفتاح لفائدة جليلة، وليس فيه حرف إلا جاء لمعنى (٢).

* * *


(١) النبأ العظيم, ١٤٢،١٤١.
(٢) المصدر السابق ١٥٩،١٥٨.

<<  <   >  >>