للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثابت بن قيس من أهل الجنة]

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الحجرات: ٢].

كان ثابت بن قيس بن شماس رفيع الصوت، فقال: أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا من أهل النار، حبط عملي، وجلس في بيته حزينا ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له: تفقدك رسول الله صلى الله عليه وسلم، مالك؟!

قال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي، وأجهر له بالقول، حبط عملي، أنا من أهل النار.

فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما قال. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا بل هو من أهل الجنة».

قال أنس: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة. فلما كان يوم اليمامة كان فينا بعض الانكشاف، فجاء ثابت بن قيس بن شماس وقد تحنط ولبس كفنه، فقال: بئسما تعودون أقرانكم، فقاتلهم حتى قُتل رضي الله عنه (١).

سمعًا لربي وطاعة:

عن معقل بن يسار قال: زوجت أختًا لي من رجل فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وأفرشتك، وأكرمتك، فطلقتها ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبدًا، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١].

فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: فزوجها إياه (٢).

وفي رواية: فسمع ذلك معقل بن يسار فقال: سمعا لربي وطاعة، فدعا زوجها فزوجها إياه (٣).

[والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت]

عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه: {لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ}.

فجاء ابن أم مكتوم وهو يُملِّها علىَّ، قال: يا رسول الله، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت - وكان أعمى - فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم (غير أولى الضرر) (٤) أي: {لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} [النساء: ١٩٥].

[لا حاجة لي في أرضك]

نزل رجل من العرب على عامر بن ربيعة، فأكرم عامر مثواه، وكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء الرجل إليه بعد ذلك، فقال: إني استقطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم واديا ما في العرب أفضل منه، ولقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك.

فقال عامر: لا حاجة لي في قطيعتك، نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} [الأنبياء: ١] (٥).

[قرأت البارحة سورة براءة]

خرج عبد الرحمن بن يزيد مرة، وهو يريد أن يجاعل في بعث خرج عليه (الجُعل هو ما يُجعل للغازي إذا وجب على الإنسان غزو فجعل مكانه رجلاً آخر بجُعل يشترطه)، ثم أصبح فتجهز، فقيل له: ألم تكن أردت أن تجاعل؟ فقال: بلى، و لكن قرأت البارحة سورة براءة فسمعتها تحث على الجهاد (٦).


(١) رواه أحمد في المسند (١٢٤٢٢)، ومسلم بنحوه.
(٢) رواه البخاري (٥١٣٠).
(٣) فتح الباري ٩/ ٢٣٤.
(٤) رواه البخاري (٤٥٩٢).
(٥) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
(٦) فضائل القرآن لأبي عبيد ص ٢٤٣.

<<  <   >  >>