للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: القراءة من المصحف:

فالقراءة من المصحف لها فوائد عظيمة في عدم شرود الذهن، ومن ثم حدوث الفهم والتأثر، قال صلى الله عليه وسلم: " من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف " (١).

خامساً: الجهر بالقراءة والترتيل وتحسين الصوت:

فهذه الوسائل لها وظيفة كبيرة في استجلاب التأثر، قال صلى الله عليه وسلم: " ما أذن الله لشيء كما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به " (٢).

وقال: حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حُسنا " (٣).

وكاد ابن مسعود يُقرئ القرآن رجلاً، فقرأ الرجل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة:٦٠] مرسلة، فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ قال أقرأنيها: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة:٦٠] فمدها (٤).

سادساً: إعمال العقل في فهم الآيات:

فمما لا شك فيه أن تدبر العقل للآيات والاجتهاد في فهمها يشكل المحور الأساسي للانتفاع بالقرآن، فبدونه لن تتم التذكرة ومن ثم التأثر واليقظة: {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة:١٢].

فتدبر القرآن وفهمه - ولو إجماليًا- أمر لابد منه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:٢٩].

وقال الحسن بن علي: اقرأ القرآن ما نهاك، فإن لم ينهك فلست تقرأه.

أي إن لم تعش مع القرآن وتفهم خطابه وما يأمرك به وينهاك فأنت بذلك لا تقرؤه قراءة صحيحة.

ولأن القرآن حمال أوجه، فيمكن للجميع أن يتدبروه ويفهموه بقدر مستوى إدراكهم ...

نعم، سيتفاوت الفهم من شخص لآخر، ما بين فهم عميق أو سطحي أو متوسط، لكن ليست العبرة بعمق الفهم، ولكن بالتأثر المصاحب لهذا الفهم، والذي من خلاله يزداد الإيمان، وينتبه القلب، وهذا أمر متاح للجميع بإذن الله.

فن قلت: ولكني أجد بعض الكلمات التي لا أفهم معناها، وبعض الآيات لا أستطيع تدبرها، فماذا أفعل؟!

علينا أن نمرر مالا نفهمه من آيات ونكتفي بالمعنى الإجمالي وذلك وقت القراءة سواء كان ذلك في الصلاة أو خارجها، وهذا ما دلنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضاً، بل يصدق بعضه بعضاً، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم فردوه إلى عالمه" (٥).

فلنسترسل في القراءة ولنُعمل عقولنا في فهم ما نقرأ بدون تكلف، ولنمرر ما لا نفهمه، حتى نسمح للآيات أن تنساب داخلنا ويتصاعد تأثيرها شيئاً فشيئاً حتى نصل لمرحلة التأثر.

ويمكننا بعد ذلك أن نعود للتفسير لفهم ما أُشكل علينا فهمه، ومعرفة الأحكام التي دلت عليها الآيات، ولكن في وقت آخر غير وقت القراءة.

سابعاً: التجاوب مع القراءة:

القرآن خطاب من الله عز وجل يخاطبنا من خلاله، فعلينا أن نتجاوب مع هذا الخطاب، فإن كان هناك سؤال أجبنا عليه، وإن كان هناك أمر بالاستغفار أو التسبيح استغفرنا وسبحنا، وعندما نجد حديثا عن النار نستعيذ منها، وإن كان الحديث عن الجنة نتشوق إليها ونسأل الله أن يجعلنا من أهلها.


(١) حسن، رواه أبو نعيم في الحلية، والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٦٢٨٩).
(٢) رواه البخاري (٥٠٢٤)، ومسلم (٧٩٢).
(٣) صحيح، رواه الدارمي في سننه، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٣١٤٥).
(٤) السلسلة الصحيحة (٢٢٣٧).
(٥) حسن، رواه الإمام أحمد في مسنده وابن ماجه في سننه.

<<  <   >  >>