للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخلاصة القول: إنه من الواجب علينا أن نحب المرء بمقدار ما فيه من صفات يحبها الله، ونبغضه بمقدار ما فيه من صفات يبغضها الله عز وجل.

فإذا تبين ذلك، فلا يجوز لنا أن نفضل إنسانًا عن آخر إلا بهذا المقياس، فلا نفضل ولا نقرب شخصًا ما على آخر لأن نفوسنا تميل إليه أكثر.

فكما يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله: وليس للخلق محبة أعظم ولا أكمل ولا أتم من محبة المؤمنين لربهم، وليس في الوجود ما يستحق أن يُحب لذاته من كل وجه إلا الله تعالى، وكل ما يحب سواه فمحبته تبعًا لحبه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يُحب لأجل الله ويطاع لأجل الله، ويُتبع لأجل الله، كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران/٣١]، وفي الحديث: " أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي "، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة/٢٤] (١).

****

أخي في الله ..

أنت أحب الناس إلى قلبي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد رأيتك تبتعد عن أهل المعاصي، وتدخل في زمرة أهل الإيمان، ثم رأيتك تبحث عن المجاهدين من أهل الإيمان لتلحق بهم، بل وتتسابق مع أهل الجهاد في التضحية بكل ما تملك من وقت وجهد ومال ونفس في سبيل نصرة دينك وأنت تعلم أن طريق المجاهدين صعب عسير وبخاصة في هذا الزمان.

فكيف لا أُحبك بعد ذلك؟!

فحبي لك من أدلة إيماني كما قال صلى الله عليه وسلم: " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يُحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذف في النار " (٢).

وقال صلى الله عليه وسلم: " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله " (٣).

فلا عجب أن يصبح حبي لك أكثر من حبي لأبي وأمي وزوجتي وولدي وأخي، طالما أن أحد منهم لم يَرْق إلى المرتبة التي وصلت إليها.


(١) مجموعة الفتاوى، علم السلوك، ١٠/ ٦٤٩.
(٢) متفق عليه.
(٣) حديث صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه من حديث البراء بن عازب.

<<  <   >  >>