للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله صلى الله عليه وسلم في الترهيب من الظلم: «اتقوا دعوة المظلوم؛ فإنها تُحمل على الغمام، يقول الله: وعزتي وجلالي لأَنْصَرَنَّك ولو بعد حين» (١).

سادسًا: التشجيع

من الحوافز ذات الأثر البالغ على النفس: استشعار المرء تقدير الآخرين له، فيؤدي ذلك إلى فتح منافذ الاستماع لهم، وزيادة الرغبة في القيام بما يطلبونه منه.

هذه الوسيلة ينبغي أن نستخدمها مع أنفسنا أو مع الآخرين في حدود ضيقة حتى لا تأتي بنتيجة عكسية وتتحول إلى صورة من صور المدح الذي يؤدي إلى استعظام المرء لنفسه، وشعوره بالأفضلية الذاتية على غيره.

والمتأمل في القرآن والسنة يجد مواقف عديدة استُخدمت فيها هذه الوسيلة في التحفيز للقيام بالعمل.

فعلى سبيل المثال: كثيرًا ما يتكرر في القرآن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} قبل التوجيه إلى العمل المطلوب .. هذا النداء فيه من التقدير والتشجيع ما يحفز النفس للقيام بالعمل.

وفي الخطاب الموجه لليهود نجد أن القرآن يناديهم بقوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي: يا أبناء النبي إسرائيل، فيكون هذا النداء بمثابة استدراج لهم لكي يستمعوا لما سيُتلى عليهم.

وتأمل قول الملائكة لمريم الصديقة: {يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٤٢] فهذا لون من ألوان التقدير الخاص، ليأتي التوجيه في الآية التالية: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: ٤٣].

وعندما أراد موسى - عليه السلام - أن يدخل ببني إسرائيل الأرض المقدسة ظل يحفزهم بهذه الطريقة قبل أن يطلب منهم هذا الطلب: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٠) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: ٢٠، ٢١].

وانظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو يقول لمعاذ بن جبل: «يا معاذ: والله إني لأحبك، أوصيك يا معاذ لا تَدعَنَّ في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك» (٢).

ولك أن تتخيل وقْع كلمة: «يا معاذ: والله إني لأحبك» على نفس معاذ، وكيف سيستقبل الكلام بعدها؟!

سابعًا: التذكير بالمواقف الإيجابية السابقة

فمن الوسائل التي تثير الهمة، وتدفع للقيام بالعمل: تذكر المواقف الإيجابية التي مرت بالمرء في حياته ولها علاقة بالعمل المراد القيام به في الحاضر، فعندما يجد المرء في نفسه تكاسلًا عن قيام الليل يُذَكِّر نفسه بيوم كذا وكذا عندما قام نصف الليل وكيف كان ذلك ممتعًا وسهلًا على نفسه، وعندما يستشعر عدم جدوى القيام بعمل ما نتيجة ضيق الوقت وقلة الإمكانات فعليه أن يُذَكِّر نفسه بمواقف إيجابية تعرض لها من قبل وكانت الظروف أشد، ومع ذلك أكرمه الله بالتوفيق والنجاح ..


(١) حديث صحيح: أخرجه الطبراني (٤/ ٨٤ رقم ٣٧١٨)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (رقم: ١١٧).
(٢) حديث صحيح: أخرجه أبو داود (٢/ ٨٦، رقم ١٥٢٢)، والنسائي في الكبرى (٦/ ٣٢، رقم ٩٩٣٧)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (رقم: ٧٩٦٩).

<<  <   >  >>