للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكذلك يتعذّر أن يدخل في البخاري أحاديث ((الشّهاب)) (١) ونحوه ويمضي ذلك على الحفّاظ, ولو تقدّر ذلك في حق بعض الضّعفاء لا نكشف الحقّ عن قريب, وكان ذلك المغرور غير مؤاخذ عند الله, بل لابد أن يكون عاملاً على بعض مذاهب العلماء غالباً, كما سيأتي بيان ذلك عند تذكر كثرة الطّرق في الرّاوية, واتّساع كثير من العلماء في ذلك واعتمادهم على العمل بالظّنّ.

وثالثها: أنّ النّسخ المختلفة تنزّل منزلة الرّواة المختلفين, فاتفاقها يدلّ على صحة ما فيها عن المصنّف قطعاً أو ظاهراً.

فإنك إذا وجدت الحديث منسوباً إلى البخاري في نسخة نسخت باليمن, ووجدته منسوباً إليه في نسخة غربية أو شاميّة أو عراقية, ووجدت ذلك الحديث كذلك في شرح البخاري, ومصنّفه كان في بلاد أخرى أو زمان آخر ووجدته في الكتب المستخرجة من كتب الحديث والمختصرة منها, فتجده في ((جامع الأصول)) لأبي السّعادات ابن الأثير و ((المنتقى)) لعبد السلام (٢) , و ((أحكام عبد الحق)) (٣) ,


(١) ألّفه القاضي محمد بن سلامة القضاعي ت (٤٥٤هـ) , جمع فيه ألفا ومئتي حديث في الوصايا, والآداب, والمواعظ, ثم أفرد لأسانيد الكتاب كتاباً آخر هو ((مسند الشهاب)) مطبوع.
(٢) ابن تيمية, مجد الدين أبو البركات ت (٦٢١هـ).
(٣) في (س): ((وأحكام عبد الحق الحميدي)) وهو خطأ, وعبد الحق هو: أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأندلسي الأشبيلي المعروف بابن الخرّاط.
قال الذّهبي: ((سارت بـ ((أحكامه الصغرى)) و ((الوسطى)) الرّكبان. وله ((أحكام كبرى)) قبل: هي بأسانيده, فالله أعلم)) اهـ. انظر: ((السير)): (٢١/ ١٩٩).
أقول: طبعت الصغرى, والوسطى, أما الكبرى فمنها نسخة في مكتبة الحرم المكي الشريف برقم (٧٩٦١ - حديث) وهي بالأسانيد جزماً, وكذلك صحر ابن القطان في ((بيان الوهم)): (٢/ ١٥, ٤٠).