للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلعام (١) وغيره, و [لكنه] (٢) تجويز بعيد, قليل الاتفاق, نادر الوقوع, فلم يجب الاحتراز منه كما لا يجب الاحتراز من تعمّد كذب الثّقة, ولا من وهم الحافظ.

وفي بعض هذه الآثار ما لو انفرد كان في الاحتجاج به نظر, لكنّها تقوى باجتماعها, وما قدّمنا في شهادة القرآن لها, ولم يذكر ابن عبد البرّ (٣) منها إلا حديث: إبراهيم بن عبد الرّحمن العذري المقدّم.

وأما الاستدلال على ذلك من النّظر فهو يظهر بذكر أنظار:

النظر الأول: أنّ الظّاهر من حملة العلم أنّهم مقيمون لأركان الإسلام الخمسة, مجتنبون لكبائر المعاصي, ولما يدل على الخسّة, معظّمون لحرمة الإسلام, لا يجترثون على الله تعالى بتعمّد الكذب عليه.

والظّاهر أيضاً فيهم قلة الوهم بعد الاعتماد على الكتابة, وظهور العناية بالفنّ, فصاحب الفنّ الشهير به قليل الغلط فيه, وإن كان يغلط في غيره, على أن الوهم المقدوح به عند أهل الأصول شرطه أن يكون أكثر من الصّواب أو مساوياً له, على اختلاف بينهم في المساوي.


(١) يقال: بِلْعم, وبِلْعَام.
وقصته عند تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِم نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} [الأعراف:١٧٥].
انظر: ((جامع البيان)): (٦/ ١١٨) , و ((تفسير ابن كثير)): (٢/ ٢٧٥) , و ((الدر المنثور)): (٣/ ٢٦٥ - ٢٦٨)
(٢) في (أ) و (ي): ((ولكن)) والمثبت من (س).
(٣) ((التمهيد)): (١/ ٥٩).