للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله عنه - لم يتّهم الرّاوي بتعمّد الكذب؛ لأنّه لو اتّهمه بذلك لاتّهمه بالفجور باليمين, ولم يصدّقه إذا حلف, وإنّما اتّهمه بالتّساهل في الرّواية بالظّنّ الغالب, فمع يمينه قوي ظنّه بأنّه متقن لما رواه حفظاً. ومع امتناعه من اليمين يعرف أنّه غير متقن ولا مستيقن, فتكون هذه علّة في قبول حديثه.

ولا شكّ أنّ حديث الثّقة قد يكون معلولاً بأمر يوجب الوقف, ولهذا توقّف النبي - صلى الله عليه وسلم - في قبول حديث ذي اليدين (١) حتّى سأل, وتوقّف عمر - رضي الله عنه - في قبول حديث فاطمة بنت قيس (٢) , وذلك مقرّر في مواضعه من الأصول.

الوجه الثالث: أنّ الأدلّة قد دلّت على ما ذهب إليه أهل الحديث, وغيرهم من قبول الصّحابة -رضي الله عنهم- المعروف منهم بالعدالة والمجهول حاله. والأدلّة على ذلك من الكتاب, والسنّة, والنّظر كثيرة, نذكر طرفاً يسيراً [منها] (٣):

أما الكتاب؛ فمثل قوله تعالى: {كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ} [آل عمران:١١٠].

وأمّا السّنّة؛ ففي ذلك آثار كثيرة, نذكر منها نبذة يسيرة:

الأثر الأول: ما روى ابن عمر عن أبيه -رضي الله عنهما-: أنّ


(١) أخرجه البخاري (الفتح): (١/ ٦٧٤) , ومسلم برقم: (٥٧٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه مسلم برقم (١٤٨٠).
(٣) من (ي) و (س).