للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأثر الرّابع: وهو أثر صحيح, ثابت في دواوين الإسلام, بل معلوم, متواتر النّقل, وهو حجّة قويّة, وذلك: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى اليمن عليّاً ومعاذاً -رضي الله عنهما-, واليين قاضيين ومفتيين (١) , ولا شكّ أنّ القضاء بين النّاس, متركّب على عدالة الشّهود, ومعرفة الحاكم عدالتهم أو عدالة معدّليهم, وهما غريبان في أرض اليمن, لا يعرفان عدالتهم, ولا يخبران أحوالهم, وهم لا يجدون شهوداً على ما يجري بينهم من الخصومات إلا منهم, فلولا أنّ الظّاهر العدالة في أهل الإسلام ذلك الزّمان؛ وإلا لما كان إلى حكمهما بين أهل اليمن على الإطلاق سبيل.

وهذا يدلّ على عدالة أهل الإسلام ذلك الزمان, لا على عدالة من صحب النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - دون غيره, وهذا أوسع من مذهب المحدّثين, ولأمر ما أشار أبو الحسين إلى إجماع الصّحابة عليه مع ذكاء أبي الحسين, فقد قال الذّهبيّ -مع كراهته للمعتزلة-إنّها كانت لأبي الحسين شهرة بالذّكاء والدّيانة (٢) , فتأمّل أحوال الصّحابة -رضي الله عنهم- تعلم صحّة ما قاله, وحُسن استخراجه.

الأثر الخامس: ما ثبت عن عليّ - رضي الله عنه - أنّه ((كان يستحلف من اتّهمه من الرّواة, فإن حلف له صدّقه)) رواه الذّهبيّ في


(١) إرسال عليّ أخرجه البخاري (الفتح): (٧/ ٦٦٣) , وإرسال معاذ أخرجه البخاري (الفتح): (٧/ ٦٥٧) , ومسلم برقم: (١٧٣٣).
(٢) ((الميزان)): (٥/ ١٠١).