للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متابعة, فدلّ هذا على أنّ صاحبي الصّحيح قد يخرجان من الطريق التي فيها ضعف, لوجود متابعات وشواهد, تجبر ذلك الضّعف, وإن لم تورد تلك المتابعات والشّواهد في ((الصحيحين)) قصداً للاختصار والتقريب على طلبة العلم, مع أن تلك المتابعات والشواهد معروفة في الكتب البسيطة والمسانيد الواسعة, وربّما أشار بعض شرّاح ((الصّحيحين)) إلى شيء منها.

قال النّوويّ: الثّالث: أن يكون ضعف الضّعيف الذي احتجّ به طرأ بعد أخذه عنه, باختلاط حدث عليه غير قادح فيما رواه من قبل في زمن استقامته, كما في أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ابن أخي عبد الله بن وهب, فذكر الحاكم أبو عبد الله (١): أنّه اختلط بعد الخمسين ومئتين بعد خروج مسلم من مصر, وهو في ذلك كسعيد بن أبي عروبة, وعبد الرزّاق, وغيرهما ممّن اختلط آخراً, ولم يمنع ذلك من صحّة الاحتجاج في ((الصّحيحين)) بما أخذ عنهم قبل ذلك.

الرّابع: أن يعلو بالشّخص الضّعيف إسناده وهو عند من رواية الثّقات نازل فيقتصر على العالي, ولا يطوّل بإضافة النّازل إليه مكتفياً بمعرفة أهل الشأن في ذلك, وهذا العذر قد رويناه عنه تنصيصاً -يعني مسلم- وهو خلاف حاله فيما رواه عن الثّقات أولاً ثمّ أتبعهم من دونهم متابعة, وكأنّ ذلك وقع منه بحسب حصول باعث النّشاط وغيبته.


(١) القائل هو الحافظ أبو عبد الله ابن الأخرم. انظر: ((تهذيب التهذيب)): ... (١/ ٥٥) والحاكم ناقل عنه.